على أنّ مؤلفه يدّعي أشياء عجيبة وغريبة في الدّين ، وقد استهوى الكتاب ثلاثة منهم ، أمّا الرابع الذي يدرّس اللغة العربية فقد قاطعنا بعد أربع جلسات أو خمس قائلا : " إنّ الغرب الآن يغزو القمر وأنتم ما زلتم تبحثون عن الخلافة الإسلامية " . وما أن أتممنا الكتاب خلال شهر واحد حتّى استبصر ثلاثتهم ، وقد أعنتهم كثيراً للوصول إلى الحقيقة من أقرب الطّرق ، بما تكون عندي من سعة الاطّلاع خلال سنوات البحث . وذقت حلاوة الهداية ، واستبشرت بالمستقبل ، وأخذت أدعو في كلّ مرّة بعض الأصدقاء من قفصة ، والذين كانت تربطني بهم حلقات الدرس في المسجد ، أو العلاقات المنجرّة من الطرق الصوفية ، وبعض تلاميذي الذين كانوا يلازمونني ، وما مرّت سنة واحدة حتّى أصبحنا بحمد الله عدداً كبيراً نوالي أهل البيت ، نوالي من والاهم ، ونعادي من عاداهم ، نفرح في أعيادهم ، ونحزن في عاشوراء ، ونعقد مجالس تعزية . وكانت أولى رسائلي التي تحمل خبر استبصاري إلى السيد الخوئي والسيد محمّد باقر الصدر بمناسبة عيد الغدير ، إذ احتفلنا به لأوّل مرة في قفصة ، وقد اشتهر أمري لدى الخاصّ والعام بأنّي تشيّعت ، وأني أدعو إلى التشيّع لآل بيت الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ، وبدأت الاتهامات والإشاعات تروج في البلاد ، على أنّني جاسوس لإسرائيل ، أعمل على تشكيك الناس في دينهم ، وبأنّني أسبّ الصحابة ، وبأنّني صاحب فتنة . . إلى غير ذلك . وفي تونس العاصمة اتصلت بالصديقين راشد الغنوشي وعبد الفتاح مورو ، وكانت معارضتهما لي عنيفة جداً ، وفي حديث دار بيننا في بيت عبد الفتاح ، قلت : يجب علينا كمسلمين مراجعة كتبنا ومراجعة تاريخنا ، وضربت لذلك مثلا صحيح البخاري الذي فيه أشياء لا يقبلها عقل ولا دين .