دعوة أصدقاء للبحث كان التحوّل بداية السّعادة الرّوحية ، إذ أحسست راحة الضّمير ، وانشرح صدري للمذهب الحقّ الذي اكتشفته ، أو قل للإسلام الحقيقي الذي لا شكّ فيه ، وغمرتني فرحة كبيرة واعتزاز بما أنعم الله تعالى علي من هداية ورشاد . ولم يسعني السّكوت والتكتم على ما يختلج في صدري ، وقلت في نفسي : لا بدّ لي من إفشاء هذه الحقيقة على الناس ، ( وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ) [1] ، وهي من أكبر النعم ، أو هي النّعمة الكبرى في الدنيا وفي الآخرة ، و " الساكت عن الحقّ شيطان أخرس " ، ( فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاّ الضَّلاَلُ ) [2] . والذي زاد شعوري يقيناً بوجوب نشر هذه الحقيقة هو : براءة أهل السنّة والجماعة الذين يحبّون رسول الله وأهل بيته ، ويكفي أن يزول الغشاء الذي نسجه التاريخ حتّى يتبعوا الحقّ ، وهذا ما وقع لي شخصيّاً ، قال تعالى : ( كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ ) [3] . ودعوت أربعة أصدقاء من الأساتذة العاملين معي في المعهد ، كان اثنان منهم يدرّسون التربية الدينيّة ، والثالث يدرّس مادّة العربية ، والرابع كان أستاذ الفلسفة الإسلامية ، لم يكن أربعتهم من قفصة بل كانوا من تونس ومن جمّال وسوسة . دعوتهم إلى البحث معي في هذا الموضوع الخطير ، وأشعرتهم بأنّي قاصر عن إدراك بعض المعاني ، وقد اضطربت وتشككت في بعض الأمور ، وقبلوا المجئ إلى بيتي بعد إنهاء العمل ، وتركتهم يقرأون كتاب المراجعات
[1] سورة الضحى : 11 . [2] سورة يونس : 32 . [3] سورة النساء : 94 .