قال : هل أنت بعثته ليبشر بالجنة من قال لا إله إلاّ الله مستيقناً بها قلبه ؟ قال رسول الله : " نعم " . قال عمر : لا تفعل فإني أخشى أن يتكل الناس على لا إله إلاّ الله ! [1] وهذا ابنه عبد الله بن عمر يخشى أن يتكل الناس على التيمم فيأمرهم بترك الصلاة ! ويا ليتهم تركوا النصوص كما هي ، ولم يبدّلوها بإجتهاداتهم العقيمة التي تؤدي إلى محو الشريعة ، وانتهاك حرمات الله ، وتشتيت الأمة في متاهات المذاهب المتعددة ، والآراء المتشعبة ، والفرق المتناحرة . ومن مواقف عمر المتعددة اتجاه النبي وسنته نفهم بأنّه ما كان يعتقد يوماً بعصمة الرسول ، بل كان يرى أنه بشر يخطئ ويصيب . ومن هنا جاءت الفكرة لعلماء السنة والجماعة بأنّ رسول الله معصوم في تبليغ القرآن فقط ، وما عدا ذلك فهو يخطئ كغيره من البشر ، ويستدلّون على ذلك بأن عمر صوّب رأيه في العديد من القضايا . وإذا كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) - كما يروي البعض من الجهلة - يقبل مزمارة الشيطان في بيته ، وهو مستلق على ظهره ، والنسوة يضربن الدفوف ، والشيطان يلعب ويمرح إلى جانبه ، حتّى إذا دخل عمر بن الخطاب هرب الشيطان ، وأسرع النسوة فخبأن الدفوف تحت أُستهن ، وقال رسول الله لعمر : " ما رآك الشيطان سالكاً فجّاً حتّى سلك فجا غير فجك " [2] . فلا غرابة إذاً أن يكون لعمر ابن الخطاب رأي في الدين ، وأن يسمح لنفسه بمعارضة النبي في الأمور
[1] صحيح مسلم 1 : 44 ، كتاب الايمان ، باب من لقي الله بالايمان ، فتح الباري 1 : 202 ، صحيح ابن حبّان 10 : 409 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 12 : 56 ، رياض الصالحين : 356 ، تفسير الآلوسي 26 : 60 . [2] صحيح البخاري 7 : 93 ، كتاب الأدب ، باب الإخاء والحلف ، صحيح مسلم 7 : 115 ، كتاب فضائل الصحابة ، باب فضل عمر ، مسند أحمد 1 : 171 ، السنن الكبرى 6 : 60 ، مسند أبي يعلى 2 : 133 ، صحيح ابن حبان 15 : 316 وغيرها من المصادر .