وذكروا ذلك للنبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : " اللّهم إنّي أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد - قالها مرّتين - " [1] . وبعث علي بن أبي طالب إلى بني جذيمة ومعه مال ، فودّى لهم الدّماء وما أصيبت لهم من أموال حتّى ودّي لهم ميلغة الكلب ، وقام رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فاستقبل القبلة قائماً شاهراً يديه إلى السماء حتّى إنه ليرى ما تحت منكبيه ، يقول : " اللّهم إني أبرأ إليك ممّا صنع خالد بن الوليد - ثلاث مرات - " [2] . فهل لنا أن نسأل : أين هي عدالة الصحابة المزعومة التي يدّعونها ؟ ! وإذا كان خالد بن الوليد وهو عندنا من عظمائنا حتّى لقبناه بسيف الله ، أفكان ربنا يسلّ سيفه ويسلّطه على المسلمين والأبرياء وعلى المحارم فيهتكها ، ففي ذلك تناقض لأن الله ينهى عن قتل النفس ، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي . ولكنه - أي خالد - في نفس الوقت يسل سيف البغي ليفتك بالمسلمين ، ويهدر دماءهم وأموالهم ، ويسبي نساءهم وذراريهم ، إن هذا زور من القول وبهتان مبين ، سبحانك ربّنا وبحمدك تباركت وتعاليت عن ذلك علّواً كبيراً ، سبحانك ما خلقت السماوات والأرض وما بينهما باطلا ، ذلك ظنّ الذين كفروا ، فويل للذين كفروا من النار . كيف جاز لأبي بكر وهو خليفة المسلمين أن يسمع بتلكم الجرائم الموبقة ويسكت عنها ، بل ويدعو عمر بن الخطاب بأن يكفّ لسانه عن خالد ، ويغضب على أبي قتادة لإنكاره فعل خالد ؟ !
[1] صحيح البخاري 4 : 171 ، كتاب الأحكام ، باب 36 ، مسند أحمد 2 : 151 ، سنن النسائي 8 : 237 ، المصنف للصنعاني 5 : 222 ، صحيح ابن حبان 11 : 54 ، الاستيعاب لابن عبد البر 2 : 428 ، تغليق التعليق لابن حجر 3 : 482 . [2] شرح السير الكبير للسرخسي 1 : 167 ، تاريخ الطبري 2 : 342 ، البداية والنهاية 4 : 358 ، السيرة النبوية لابن هشام 4 : 884 .