كلاّ إنّها السياسة وما أدراك ما السياسة ؟ تصنع الأعاجيب وتقلب الحقائق ، وتضرب بالنصوص القرآنية عرض الجدار . وهل لنا أن نسأل بعض علمائنا الذين يروون في كتبهم أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) غضب غضباً شديداً عندما جاء أُسامة ليشفع لامرأة شريفة سرقت ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) : " ويحك أتشفع في حدّ من حدود الله ، والله لو كانت فاطمة بنت محمّد سرقت لقطعت يدها ، إنّما أهلك من كان قبلكم إذا سرق الشريف تركوه ، وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحدّ " [1] . فكيف يسكتون عن قتل المسلمين الأبرياء ، والدخول بنسائهم في نفس الليلة ، وهنّ منكوبات بموت أزواجهنّ ؟ ! ويا ليتهم يسكتون ! ولكنهم يحاولون تبرير فعل خالد باختلاق الأكاذيب ، وبخلق الفضائل والمحاسن له حتّى لقّبوه بسيف الله المسلول ! ! ولقد أدهشني بعض أصدقائي ، وكان مشهوراً بالمزح وقلب المعاني ، فكنت أذكر له مزايا خالد بن الوليد في أيام جهالتي ، وقلت له : إنّه سيف الله المسلول ، فأجابني : إنّه سيف الشيطان المشلول ، واستغربت يومها ، ولكن بعد البحث فتح الله بصيرتي ، وعرّفني قيمة هؤلاء الذين استولوا على الخلافة ، وبدّلوا أحكام الله وعطّلوها ، وتعدّوا حدود الله واخترقوها . وخالد بن الوليد له في حياة النبي قصة مشهورة ، إذ بعثه النبي إلى بني جذيمة ليدعوهم إلى الإسلام ولم يأمره بقتالهم ، فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا ، فقالوا : صبأنا صبأنا ، فجعل خالد يقتل ويأسر بهم ، ودفع الأسرى إلى أصحابه وأمرهم بقتلهم ، وامتنع البعض من قتلهم لما تبين لهم أنّهم أسلموا ، ولما رجعوا
[1] صحيح البخاري 8 : 17 كتاب الحدود ، صحيح مسلم 5 : 114 ، كتاب الحدود ، باب قطع السارق ، سنن النسائي 8 : 73 ، سنن الدارمي 2 : 172 ، سنن أبي داود 2 : 332 ، سنن الترمذي 2 : 442 ، سنن البيهقي 8 : 254 ، مجمع الزوائد 6 : 259 .