ثانياً : يهمني أن أعرف كيف أعبد الله ، وأتقرّب إليه بالفرائض التي افترضها ، وكما يريدها هو جلّ وعلا لا كما يريدها مالك أو أبو حنيفة أو غيرهم من المجتهدين ; لأنّي وجدت مالكاً يقول بكراهة البسملة في الصّلاة ، بينما يقول أبو حنيفة باستحبابها ، ويقول غيره ببطلان الصلاة بدونها [1] ، وبما أنّ الصلاة هي عمود الدّين ، إن قبلت قبل ما سواها وإن رُدت ردّ ما سواها ، فلا أريد أن تكون صلاتي باطلة . كما أن الشيعة يقولون بمسح الرجلين في الوضوء ، ويقول السنّة بغسلهما ، بينما نقرأ في القرآن : ( وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ ) [2] وهي صريحة في المسح ، فكيف تريد يا سيدي أن يقبل المسلم العاقل قول هذا ويردّ قول ذاك بدون بحث ودليل . قال : بإمكانك أن تأخذ من كلّ مذهب ما يعجبك ، لأنّهم مذاهب إسلامية ، وكلّهم من رسول الله ملتمس .
[1] تحفة الأحوذي في شرح سنن الترمذي 2 : 47 قال : " اعلم أنّ في قراءة البسملة في الصلاة ثلاثة أقوال : أحدها : أنّها واجبة كمذهب الشافعي وإحدى الروايتين عن أحمد وطائفة من أهل الحديث ، بناءً على أنّها من الفاتحة . والثاني : أنّها مكروهة سراً وجهراً ، وهو المشهور عن مالك . والثالث : إنّها جائزة ، بل مستحبة وهو مذهب أبي حنيفة . . " . وقال ابن حزم في المحلّى 3 : 251 : " مسألة : ومن كان يقرأ برواية من عد من القراء بسم الله الرحمن الرحيم آية من القرآن لم تجزه الصلاة إلاّ بالبسملة ، وهم عاصم بن أبي النجود ، وحمزة ، والكسائي ، وعبد الله بن كثير وغيرهم من الصحابة والتابعين ومن كان يقرأ برواية من لا يعدها آية من أم القرآن فهو مخير بين أن يبسمل وبين أن لا يبسمل وهو ابن عامر وأبي عمر ويعقوب ، وفي بعض الروايات عن نافع . وقال مالك : لا يبسمل المصلّي إلاّ في صلاة التراويح في أوّل ليلة من الشهر . وقال الشافعي : لا تجزئ الصلاة إلاّ ببسم الله الرحمن الرحيم . . " . وراجع إلى سبل السلام 1 : 88 ، نيل الأوطار 2 : 224 ، فقه السنّة : 126 . [2] سورة المائدة : 6 .