قال : وما يهمك أن تعرف ذلك : ( تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) [1] . قلت : أتقرأ ولا تسألون بفتح التاء أم بضمّها ؟ قال : تسألون بالضم . قلت : الحمد لله ، لو كانت بالفتح لأمتنع البحث ، وما دامت بالضم فمعناها أنّ الله سبحانه سوف لن يحاسبنا عمّا فعلوا وذلك كقوله تعالى : ( كُلُّ نَفْس بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ) [2] ، و ( وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى ) [3] . وقد حثنا القرآن الكريم على استطلاع أخبار الأمم السابقة ولنستخلص منها العبرة ، وقد حكى الله لنا عن فرعون وهامان ونمرود وقارون وعن الأنبياء السابقين وشعوبهم ، لا للتسلية ولكن ليعرفنا الحقّ من الباطل ، أما قولك : وما يهمني من هذا البحث ؟ نعم يهمني : أوّلا : لكي أعرف وليّ الله فأواليه ، وأعرف عدو الله فأعاديه ، وهذا ما طلبه منّي القرآن بل أوجبه عليّ .
[1] سورة البقرة : 134 . [2] سورة المدّثر : 38 . [3] سورة النجم : 39 .