وزناً ، ولا يخافون من الله كخوفهم من معاوية . وعندما نسأل بعض علمائنا عن حرب معاوية لعلي ، وقد بايعه المهاجرون والأنصار . . تلك الحرب الطاحنة التي سبّبت انقسام المسلمين إلى سنة وشيعة ، وانصدع الإسلام ولم يلتئم حتّى اليوم ، فإنّهم يجيبون كالعادة وبكلّ سهولة قائلين : إنّ عليّاً ومعاوية صحابيان جليلان اجتهدا ، فعلي اجتهد وأصاب فله أجران ، أما معاوية فاجتهد وأخطأ وله أجر واحد ، وليس من حقنا نحن أن نحكم لهم أو عليهم ، وقد قال الله تعالى : ( تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) [1] . هكذا - وللأسف - تكون إجاباتنا ، وهي كما ترى سفسطة لا يقول بها عقل ولا دين ، ولا يقرّ بها شرع . اللّهم إني أبرأ إليك من خطل الآراء ، وزلل الأهواء ، وأعوذ بك من همزات الشياطين ، وأعوذ بك ربِّ أن يحضرون . كيف يحكم العقل السليم باجتهاد معاوية ، ويعطيه أجراً على حربه إمام المسلمين ، وقتله المؤمنين الأبرياء ، وارتكابه الجرائم والآثام التي لا يحصى عددها إلاّ الله ، وقد اشتهر عند المؤرخين بقتله معارضيه وتصفيتهم بطريقته المشهورة ، وهو إطعامهم عسلا مسموماً وكان يقول : " إن لله جنوداً من عسل " [2] ؟ ! كيف يحكم هؤلاء باجتهاده ويعطونه أجراً وقد كان إمام الفئة الباغية ، ففي الحديث المشهور الذي أخرجه كلّ المحدثين ، والذي جاء فيه : " ويح عمار
[1] سورة البقرة : 134 . [2] المصنف لعبد الرزاق 5 : 460 ، التاريخ الكبير للبخاري 7 : 311 ، تاريخ دمشق 56 : 389 ، سير أعلام النبلاء 4 : 35 ، تاريخ الطبري 3 : 218 ، البداية والنهاية لابن كثير 7 : 126 ، شرح نهج البلاغة 7 : 160 .