قوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " أحب الله من أحبهما وأبغض الله من أبغضهما " ، أو قوله : " أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم " [1] ، وغير ذلك كثير لست في معرض الكلام عنه . . . كيف لا وهما ريحانتاه من هذه الأمة . ولا غرابة ، فقد سَمِعتْ في حق عليّ أضعاف ذلك ، ولكنها ورغم تحذير النبي ( صلى الله عليه وآله ) لها أبت إلاّ محاربته ، وتأليب الناس عليه ، وإنكار فضله وفضائله ، ومن أجل ذلك أحبّها الأمويّون وأنزلوها تلك المنزلة العظيمة التي تقصر عنها المنازل ، ورووا في فضلها ما ملأ المطامير ، وسارت به الركبان ، حتّى جعلوها المرجع الأكبر للأمة الإسلامية ، لأنّ عندها وحدها نصف الدين . ولعل نصف الدين الثاني خصّوا به أبا هريرة الذي روى لهم ما يشتهون ، فقرّبوه وولّوه إمارة المدينة ، وبنوا له قصر العقيق بعد ما كان معدماً ، ولقّبوه براوية الإسلام ، وبذلك سهل على بني أميّة أن يكون لهم دين كامل جديد ، ليس فيه من كتاب الله وسنّة رسوله ألاّ ما تهواه أنفسهم ، ويتقوّى به ملكهم وسلطانهم . وخليق بهذا الدين أن يكون لعباً وهزواً مليئاً بالمتناقضات والخرافات ، وبذلك طمست الحقائق ، وحلّت محلها الظلمات ، وقد حملوا الناس عليها وأغروهم إليها ، حتّى أصبح دين الله عندهم مهزلة من المهازل ، لا يقيمون له
[1] مسند أحمد بن حنبل 2 : 442 ، سنن ابن ماجة 1 : 52 ، سنن الترمذي 5 : 360 ، المصنف لابن أبي شيبة 7 : 512 ، صحيح ابن حبان 15 : 434 ، المعجم الكبير للطبراني 3 : 40 ، تاريخ بغداد 7 : 144 ، تاريخ دمشق 3 : 218 ، مستدرك الحاكم 3 : 149 وقال : " هذا حديث حسن " وسكت عنه الذهبي في التلخيص ، مشكاة المصابيح للتبريزي 3 : 1735 .