وأُخرى يطعنون في تأميره زيد بن حارثة ، ومن بعده في تأمير ابنه أُسامة بن زيد فكيف يبقى بعد كلّ هذا شك للباحثين من أنّ الشيعة على حق عندما يحيطون مواقف بعض الصحابة بعلامات الاستفهام ، ويمتعضون منها احتراماً وحبّاً ومودةً لصاحب الرسالة وأهل بيته ؟ ! على أنّي لم أذكر من المخالفات غير أربع أو خمس ، وذلك للاختصار ، ولتكون أمثلة فقط ، ولكنّ علماء الشيعة قد أحصوا مئات الموارد التي خالف فيها الصحابة النصوص الصريحة ، ولم يستدلوا إلاّ بما أخرجه علماء السنّة في صحاحهم ومسانيدهم . وإنّي عندما أستعرض بعض المواقف التي وقفها بعض الصحابة من رسول الله ، أبقى حائراً مدهوشاً ، لا من تصرّفات هؤلاء الصحابة فحسب ، ولكن من موقف علماء السنّة والجماعة الذين يصوّرون لنا الصحابة دوماً على حق لا يمكن التعرض لهم بأيّ نقد ، وبذلك يمنعون الباحث من الوصول إلى الحقيقة ، ويبقى يتخبّط في التناقضات الفكرية . وزيادة على ما سبق أسوق بعض الأمثلة التي تعطينا صورة حقيقية على هؤلاء الصحابة ، ونفهم بذلك موقف الشيعة منهم : أخرج البخاري في صحيحه 4 : 47 في باب الصبر على الأذى ، وقول الله تعالى : ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم ) من كتاب الأدب ، قال : حدثنا الأعمش ، قال : سمعت شقيقاً يقول : قال عبد الله : قسّم النبي ( صلى الله عليه وآله ) قسمة كبعض ما كان يقسّم ، فقال رجل من الأنصار والله إنّها لقسمة ما أريد بها وجه الله ، قلت : أما أنا لأقولنّ للنبيّ ( صلى الله عليه وآله ) ، فأتيته وهو في أصحابه فساررته ، فشق ذلك على النبيّ ، وتغيّر وجهه وغضب ، حتّى وددت أنّي لم أكن أخبرته ، ثمّ قال : " قد أوذي موسى بأكثر من ذلك فصبر " [1] .
[1] وهو أيضاً في : صحيح مسلم 3 : 109 ، باب ذكر الخوارج وصفاتهم ، سنن الترمذي 5 : 369 ، السنن الكبرى ي للبيهقي 8 : 167 ، الأدب المفرد : 90 ، الشفا بتعريف حقوق المصطفى 2 : 225 .