والغرب ، وأوصلت للناس الهداية والعلوم والمعرفة والحضارة ، إذا بها اليوم أصبحت أقل الأمم وأذلّها ، فأراضيهم مغتصبة ، وشعوبهم مشرّدة ، ومسجدهم الأقصى تحتلّه عصابة من الصهاينة ولا يقدرون على تحريره ، وإذا زرتَ بلدانهم فإنّك لا ترى إلاّ الفقر المدقع ، والجوع القاتل ، والأراضي القاحلة ، والأمراض الفتّاكة ، والأخلاق السيّئة ، والتخلّف الفكري والتقني ، والظلم والاضطهاد ، والأوساخ والحشرات ؟ ! ويكفيك فقط أن تقارن بيوت الرّاحة ( المراحيض ) العمومية كيف هي في أوروبا وكيف هي عندنا ، فإذا دخل المسافر إلى المراحيض في أوروبا بأسرها وجدها نظيفة تلمع كالبلّور ، وفيها روائح طيبة ، بينما لا يطيق المسافر إلى البلاد الإسلامية الدخول إلى المراحيض لعفونتها ونجاستها ونتونتها ، ونحن الذين علّمنا الإسلام : أن النظافة من الإيمان والوسخ من الشيطان ، فهل تحوّل الإيمان إلى أوروبا وسكن الشيطان عندنا ؟ لماذا أصبح المسلمون يخافون من إظهار عقيدتهم حتّى في بلدانهم ، ولا يتحكّم المسلم حتّى في وجهه ، فلا يتمكّن من إعفاء لحيته ، ولا من لبسه الزيّ الإسلامي ، بينما يتجاهر الفاسقون بشرب الخمر والزنا وهتك الأعراض ، ولا يقدر المسلم دفعهم بل ولا حتّى أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر ، وقد بلغني أنّ في بعض البلاد الإسلامية مثل مصر والمغرب يبعث الآباء بناتهم للبغاء من شدّة الفقر والبؤس والاحتياج ، فلا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم . يا إلهي لماذا ابتعدت عن هذه الأمّة وتركتها تتخبط في الظلمات ؟ ! لا . . لا . . استغفرك يا إلهي وأتوب إليك ، فهي التي ابتعدت عنك ، عن ذكرك ، واختارت طريق الشيطان ، وأنت جلّت حكمتك ، وتعالت قدرتك قلت وقولك الحقّ : ( وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ) [1] .