فهل هناك فرقة إلاّ وهي متمسّكة بالكتاب والسنّة ، وهل هناك فرقة إسلامية تدّعي غير هذا ؟ فلو سئل الإمام مالك ، أو أبو حنيفة ، أو الإمام الشافعي ، أو أحمد بن حنبل ، فهل يدّعي أي واحد منهم إلاّ التمسّك بالقرآن والسنّة الصحيحة ؟ فهذه المذاهب السنّية ؟ وإذا أضفنا إليها الفرق الشيعية التي كنت أعتقد بفسادها وانحرافها ، فها هي الأُخرى تدّعي - أيضاً - أنّها متمسّكة بالقرآن والسنّة الصحيحة المنقولة عن أهل البيت الطاهرين ، وأهل البيت أدرى بما فيه كما يقولون . فهل يمكن أن يكونوا كُلّهم على حق كما يدّعون ؟ وهذا غير ممكن لأنّ الحديث الشريف يفيد العكس ، اللّهم إلاّ إذا كان الحديث موضوع ، مكذوب ، وهذا لا سبيل إليه ، لأنّ الحديث متواتر عند السنّة والشيعة . أم إنّ الحديث لا معنى له ولا مدلول ؟ وحاشى لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أن يقول شيئاً لا معنى له ولا مدلول ، وهو الذي لا ينطق عن الهوى ، وكُلّ أحاديثه حكمة وعبر . إذاً لم يبق أمامنا إلاّ الاعتراف بأنّ هناك فرقة واحدة على الحقّ وما بقي فهو باطل ، فالحديث يبعث على الحيّرة ، كما يبعث على البحث والتنقيب لمن يريد لنفسه النّجاة . ومن أجل هذا داخلني الشكّ والحيرة بعد لقائي بالشيعة ، فمن يدري لعلّهم يقولون حقّاً وينطقون صدقاً ! ولماذا لا أبحث ولا أنقب ، وقد كلّفني الإسلام بقرآنه وسنّته أن أبحث وأقارن وأتبيّن ، قال الله تعالى : ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ) [1] .