وابتعدت عن صديقي الذي ما أن دخل حتّى أجهش بالبكاء ، ثُمّ تركته يصلّي واقتربت من اللّوحة المكتوبة للزيارة ، وهي معلقة على الضريح ، وقرأتها ولم أفهم الكثير منها بما حوته من أسماء غريبة عنّي أجهلها ، ابتعدت في زاوية وقرأت الفاتحة ترحّماً على صاحب الضريح قائلا : اللّهم إن كان هذا الميت من المسلمين فأرحمه فأنت أعلم به منّي . واقترب منّي صديقي وهمس في أذني قائلا : إن كانت لديك حاجة فاسأل الله في هذا المكان ، لأنّنا نسمّيه باب الحوائج ، وما أعطيت أهميّة لقوله سامحني الله ، بل كنت أنظر للشيوخ الطاعنين في السنّ وعلى رؤوسهم عمائم بيض وسود وفي جباههم آثار السّجود ، وزاد في هيبتهم تلك اللّحى التي أعفوها ، وتنطلق منها روائح طيبة ، ولهم نظرات حادة مهيبة . وما أن يدخل الواحد منهم حتّى يجهش بالبكاء ، وتساءلت في داخلي : أيمكن أن تكون هذه الدموع كاذبة ؟ ! أيمكن أن يكون هؤلاء الطاعنون في السن مخطئين ؟ خرجت متحيّراً مندهشاً ممّا شاهدته ، بينما كان صديقي يرجع أدراجه احتراماً لئلاّ يعطي المقام ظهره . سألته : من هو صاحب هذا المقام ؟ قال : الإمام موسى الكاظم . قلت : ومن هو الإمام موسى الكاظم ؟