وازداد نشاطي توسّعاً ، فكنت ألقي الدروس الدينية في المساجد يوم الجمعة قبل خطبة الإمام ، وأتنقل من جامع أبي يعقوب إلى الجامع الكبير ، لأنّ صلاة الجمعة تقام فيهما في أوقات مختلفة ، بينما تصلّى الأولى وقت الظهر تقام الثانية وقت العصر ، وكثيراً ما كان يحضر تلك الحلقات التي أقيمها يوم الأحد أغلب تلاميذ المعهد الثانوي الذي أدرّس فيه مادّة التكنولوجيا والمبادئ التقنية ، وكانوا يعجبون لهذا ويزدادون حبّاً وتقديرا لأنّي أعطيتهم من وقتي الكثير ، لأزيح عن أفكارهم تلك الغيوم التي لبّدها بعض أساتذة الفلسفة الملحدين والمادّيين والشيوعيين وما أكثرهم ! فكانوا ينتظرون بفارغ الصبر موعد تلك الحلقات الدّينية ومنهم من يأتي إلى البيت ، فقد اشتريت بعض الكتب الدّينية والتهمتها بالمطالعة حتّى أكون في مستوى الإجابة عن الأسئلة المختلفة . وفي تلك السنّة التي حججت فيها ملكت أيضاً نصف ديني ، فقد رغبت والدتي رحمها الله في تزويجي قبل موتها ، وهي التي ربت كلّ أولاد زوجها وحضرت زواجهم ، فكانت أمنيتها أن تراني عريساً ، وقد أعطاها الله ما تتمنّى ، وأطعت أمرها في الزواج من فتاة لم أرها من قبل ، وحضرت ميلاد ابني الأوّل والثاني ، وفارقت الحياة وهي عنّي راضية كما سبقها والدي رحمه الله قبل عامين ، وقد حجّ بيت الله الحرام وتاب توبة نصوحاً قبل وفاته بعامين . ونجحت الثورة اللّيبيّة في تلك الظروف التي يعاني فيها المسلمون والعرب من هزيمة النكبة في حربهم ضد إسرائيل ، وطلع علينا ذلك الشاب قائد الثورة وهو يتكلّم باسم الإسلام ، ويصلّي بالناس في المسجد ، وينادي بتحرير القدس . وقد استهواني كما استهوى أغلب الشباب المسلم في البلاد العربية والإسلامية ، ودفعنا حب الاطلاع إلى تنظيم رحلة ثقافية إلى ليبيا ، وجمعنا