ونحن إذا أردنا الوصول إلى الحقيقة يا حضرة الدكتور فلا مناص لنا من البحث في سيرة الصّحابة الذين نأخذ عنهم أحكام ديننا ، لأنّنا لم نعاصر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ولم نشاهد في حياتنا نبيّاً بعد محمّد لكي نأخذ منه وتطمئن له نفوسنا ، وقد فتحنا أعيننا ووجدنا المسلمين يختلفون إلى مذاهب متعدّدة ، فمن واجبنا أن نبحث عن مصدر الخلاف ولا نقبل باختلاف الآراء في دين الله الذي يقول : ( وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً ) [1] . ولمّا علمنا بالاختلاف عرفنا أنّه ليس من عند الله وإنّما من عند النّاس ، فبحثنا في التّاريخ فإذا بالاختلاف بدأ من الصّحابة بعد وفاة الرّسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فكان الواجب علينا إذاً البحث في حياة هؤلاء الذين نقلوا إلينا أحكام الدّين حتّى نعرف المحقّ من المبطل ، والمؤمن من الفاسق ، والمخلص من المنافق ، فنأخذ ما هو حق ، ونترك ما هو باطل ليس إلاّ ! وأعتقد يا سيادة الطّبيب أنكم توافقون على ذلك بحكم مهنتكم والعلوم التي تلقّيتموها ، فأنتم من السباقين إلى استعمال العقل والمنطق والدّليل ولا تقبلوا الدّين بمجرّد التقليد والوراثة ، وتحسنوا الظنّ بكُلّ الصّحابة لا لشئ إلاّ أنّهم صاحبوا الرّسول وسمعوا منه . فحسن ظنّكم هذا مبالغة وتهاون في طلب الحقيقة التي ليس بعدها إلا الضّلال ، ولقد ضربت لكم في هذه العجالة عدّة أمثلة حيّة من كتاب الله المجيد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وعرّفتكم بأصحاب موسى وعيسى ونوح ولوط وغيرهم من الأنبياء ، ولا بأس بإعادة مثل آخر ذكرته في كتاب " ثُمّ اهتديت " ، ويتعلّق بأصحاب محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ولعلّكم لم تقرأوه هناك لأن الغشاوة لم تترك لكم فرصة لفتح البصيرة ، فهاكم المثل على لسان محمّد قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " أني فرطّكم على الحوض من مرّ عليّ شرب ، ومن