وتذكّرني بوظيفتين لبعض النّاس الندّابة التي لا تذكر سوى عيوب النّاس والمدّاحة التي لا تذكر سوى حسنات النّاس وكلاهما نقيض وخير الأمور الوسط " . * الجواب : كلامكم هذا يا حضرة الدكتور كلّه صحيح إلاّ ما نسبتموه إليّ من إعطاء نفسي صفة المحاسب للعباد ، فأنا لم أُحاسب وليس من حقّي ولا يمكن لي أبداً أن أُحاسب أحداً من النّاس ، وإذا حاسبت فسأحاسب نفسي الأمّارة بالسّوء من باب قول الرّسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) " حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا " [1] . أمّا وظيفة الندّابة التي لا تذكر إلا عيوب النّاس والمدّاحة التي لا تذكر سوى حسنات النّاس ، فأنا أحترم رأيكم فيهما بأنّهما طرفي نقيض ، ولكنّي أُضيف أنّه علينا إذا أردنا مدح شخص ما أو ذمّه أن لا نقول عليه إلاّ الحقّ ومن أجل إظهار الحقّ ، لا نمدح شخصاً بما ليس فيه أو نذمّه بما ليس فيه ، قال تعالى في كتابه العزيز : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ للهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْم عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) [2] . أمّا أن نمدح فاجراً ونذّم برّاً تقيّاً فذلك هو طمس للحقّ ونصرة للباطل . وجاء في رسالتكم بعد ذلك : " من رأى منكم منكراً فليغيّره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان " [3] ،
[1] بحار الأنوار 67 : 73 ، شجرة طوبى 2 : 383 ، سنن الترمذي 4 : 54 ، المصنف لابن أبي شيبة 8 : 149 . [2] سورة المائدة : 8 . [3] مسند أحمد 3 : 20 ، سنن النسائي 8 : 111 ، السنن الكبرى 6 : 532 ، صحيح ابن حبان 1 : 541 ، دراسات في ولاية الفقيه 2 : 273 .