في عبادة الأصنام وارتكاب المحارم والخبائث ، أمّا أنه اختارهم من بين جميع من عاصره فهو قول بغير دليل والمعروف المشهور أنّه اختار في المرّتين عليّاً وقال له : " أنت أخي في الدّنيا والآخرة " . أمّا قولكم " بأنّه فشل الرّسول في هداية أقرب المقرّبين له " . فلم يكن أبو بكر وعمر بأقرب من عمّه وكافله أبو طالب الذي تزعمون بأن النّبي فشل في إقناعه ومات على الشّرك والعياذ بالله . وإن كفر القوم وعدم اتّباع نبيّهم لا يعني فشل الرّسول في رسالته ، وقد بقي نوح في قومه ألف سنة إلاّ خمسين ولم يتّبعه إلا القليل ، وحتّى امرأته وابنه لم يتّبعوه ، وكذلك لوط وإبراهيم ويونس وصالح وموسى وعيسى فقد بلّغوا رسالات ربّهم وبذلوا كلّ ما في وسعهم لهداية النّاس ، ولكن أبى أكثر النّاس إلا كفوراً ، فلا يقال بأنهم فشلوا في رسالتهم فما على الرّسول إلاّ البلاغ ، ولا يستبعد أن يكون قوم محمّد وأمّته كسائر الأقوام والأمم السّابقة وقد قال له ربّه : ( فَإِن كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ ) [1] . فلا يحقّ لكم يا سيادة الدكتور ولا لأحد من النّاس أن يقول بفشل الرّسول أو فشل القرآن في التّأثير أو فشل الإسلام ، إنّما يتعلّق الفشل بالنّاس الذين لم يعملوا بأحكامه ولم يقيموا حدوده ، وأعداء الإسلام اليوم يدّعون بأن الدّين الإسلامي ليس بحقّ وإلا لكان أتباعه ومعتنقوه من أرقى النّاس وأعلمهم . ثُمّ إنّكم نقضتم قولكم يا حضرة الدكتور عندما زعمتم بأنّ الإسلام لم ينجح لصدقه وقوّة إقناعه بالقرآن ، وإنّما نجح بالقوّة والجبروت وبالسّيف على يد أمثال معاوية بن أبي سفيان وغيره ، وضربتم مثلا بانتشار التّتار وسيطرتهم على العالم ، وهذه بالضّبط ادّعاءات المستشرقين وأعداء الإسلام الذين يرددون دائماً بأن الإسلام انتشر بالقهر وبالسّيف ، والمسلمون هم الذين