ونستخلص من كُلّ هذا بأنّ الأنبياء والمرسلين صلوات الله عليهم أجمعين كانوا يعملون بوحي ربّهم فيسترون على المنافقين ، ولا يكشفوا أمرهم ليكونوا فتنة للنّاس ، ألم تسمع قول الرّسول : " إنّ أحدكم ليحقر صلاته مع صلاتهم ، وصيامه مع صيامهم " ، وهم بلا شكّ يحفظون القرآن أكثر من غيرهم كما ورد في بعض الرّوايات ؟ !
ألم يقل ربّ العزّة والجلالة في حقّهم : ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ . . . ) [1] ؟ !
ألم يقل الله سبحانه لنبيّه : ( فَبِمَا رَحْمَة مِّنَ اللهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ . . . ) [2] ؟ !
إذاً ، فعلم الرّسل بنفاق البعض من أصحابه وسترهم والسّكوت عليهم لا يتنافى مع صفاتهم كما توهّمتم يا سيادة الدكتور .
وقولكم ب‌ " أن السّاكت عن الحقّ شيطان أخرس " لا علاقة له بالموضوع ، فمن قال لكم بأنّ رسول الله سكت عن الحقّ ؟ إنّه لم يسكت وأوضح كُلّ شئ بما يتناسب ومصلحة الإسلام والمسلمين ألم يحذّر المسلمين من فتنة زوجته عائشة عندما أشار إلى بيتها وقال : " هاهنا الفتنة - ثلاثاً - ، " من حيث يطلع قرن الشيطان " أخرجه مسلم والبخاري ؟ ! [3]

[1] سورة البقرة : 204 .
[2] سورة آل عمران : 159 .
[3] صحيح البخاري 4 : 46 ، باب دعاء النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى الإسلام ، صحيح مسلم 8 : 180 ، كتاب الفتن ، باب الفتنة من المشرق ، سنن الترمذي 3 : 362 ، مجمع الزوائد 3 : 305 ، المصنف للصنعاني 2 : 427 ، تأويل مختلف الحديث : 119 ، مسند أبي يعلى 9 : 239 ، صحيح ابن حبان 15 : 24 ، المعجم الكبير للطبراني 1 : 122 ، وغيرها من المصادر .

130