ومرّة أخرى قال أحد المنافقين من الصّحابة للرّسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " إعدل " ، وأراد عمر قتله ، ولكنّ الرّسول منعه من ذلك وقال له : " دعه فإنّ له أصحاباً يحقّر أحدكم صلاته مع صلاتهم ، وصيامه مع صيامهم ، يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الدّين كما يمرق السّهم من الرّمية " [1] . والمشهور أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان يعرف المنافقين كلّهم ولكنّه كان يستر عليهم ولا يكشفهم ولا يفضحهم ، وقد علّم حذيفة أسماء البعضَ منهم ، وأمره بعدم كشفهم ، ولذلك ترى عمر بن الخطّاب نفسه يسأل حذيفة إن كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) سمّاه في جملة المنافقين الذين أعلمه بأسمائهم ، جاء ذلك في كتاب الإحياء للغزالي ج 1 ص 129 ، وفي كتاب كنز العمّال ج 7 ص 24 [2] . وها هو البخاري يروي في صحيحه ج 1 ص 17 بأنّ ابن مليكة أدرك ثلاثين من أصحاب النّبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كُلّهم يخاف النّفاق على نفسه وما منهم أحد يقول إنّه على إيمان جبريل [3] .
[1] مسند أحمد 3 : 56 ، صحيح البخاري 4 : 179 ، باب علامات النبوة في الإسلام ، صحيح البخاري 8 : 52 ، كتاب استتابة المرتدين ، صحيح مسلم 3 : 112 ، كتاب الزكاة ، باب ذكر الخوارج وصفاتهم ، السنن الكبرى 8 : 171 ، كتاب الايمان : 137 ، خصائص أمير المؤمنين : 137 ، صحيح ابن حبان 15 : 140 ، مسند الشاميين 3 : 59 ، التمهيد 23 : 330 ، دلائل النبوة 3 : 996 ، وغيرها من المصادر . [2] فتح الباري 13 : 31 ، عمدة القارئ 22 : 262 ، مسند أبي داود الطيالسي : 25 ، المعجم الكبير للطبراني 6 : 214 ، كنز العمال 13 : 128 ، تهذيب الكمال 5 : 501 ، سير أعلام النبلاء 2 : 365 ، تفسير الثعلبي 5 : 79 ، جامع البيان 11 : 16 ، المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز 3 : 76 ، تفسير ابن كثير 2 : 399 ، وغيرها من المصادر . [3] صحيح البخاري 1 : 17 ، كتاب الايمان ، باب خوف المؤمن أن يحبط عمله ، شرح صحيح مسلم 1 : 149 ، فتح الباري 1 : 102 ، صفة المنافقين : 123 ، تغليق التحقيق 2 : 51 ، التاريخ الكبير 5 : 137 ، وغيرها من المصادر .