* * أمّا قولكم : " إن كان يعلم صفاتهم ورضي بهم أصحابه المقرّبين فهذا يتنافى مع صفات الرّسل والسّاكت عن الحقّ شيطان أخرس . . . " الخ . * فهناك احتمالان : أولهما : إنّه كان لا يعلم صفاتهم على التحديد وهذا ما قرّره القرآن الكريم في قوله : ( وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ . . . ) [1] . وعلى هذا كان الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقبل كلّ من تلفّظ بالشّهادتين دون البحث عمّا يكنّه في قلبه وكان يقول : " أُمرت أن أحكم بالظّاهر والله يتولّى السّرائر " ولم يسجّل التاريخ أو السيّرة النّبويّة أنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال لأحد من النّاس : أنت منافق فلا أقبل منك إسلامك ، ولو مرّة واحدة في حياته ، بل كان يتعامل مع الصّحابة كلّهم بنفس المعاملة ، قال الله تعالى لرسوله : ( وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَة عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ) [2] . أمّا الاحتمال الثاني : إنّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان يعلم صفاتهم على التحديد ومع ذلك رضي بهم أصحاباً له ، وهذا لا يتنافى مع صفات الرّسل كما توّهمتم لأنّهم صلوات الله عليهم لا يفعلون شيئاً إلا بوحي ربّهم ، فهذا موسى رسول الله إلى بني إسرائيل الذين رأوا من المعجزات الشئ الكثير على يد موسى وهارون ممّا اضطرّ فرعون أن يطلق سراح بني إسرائيل ويسمح لهم بالخروج مع موسى وهارون ، ولمّا أدركهم فرعون قبل أن يجتازوا البحر فلق لهم موسى البحر بإذن ربّه ومشوا فيه