المستقيم ، إلى الإيمان بالله وحده ولا دخل للإسلام بها ، إنّما هي الإيمان بالله ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ) [1] هذه هي الهداية . فإذا كان قصد الكاتب بكلمة " ثُمّ اهتديت " أي أنّه آمن بأنّ علياً أحقّ بالخلافة ، فهذا ليس هداية ، إنّما اتّباع وجهة نظر ، وليس تكفيراً لمن لم يؤمن بها . * الجواب : أطلب منكم يا حضرة الدكتور أن تقرأوا بتدبّر قول الله سبحانه في سورة طه الآية 82 : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى ) [2] ، لتدركوا بأنّ الإيمان بالله وحده ليس هو المقصود بهذه الآية ، فقد جاء قبل ذكر الهداية قوله : ( وَآمَنَ ) والتي هي الإيمان بالله وحده ، ثمّ أضاف بعدها ( وَعَمِلَ صَالِحاً ) ، فدلّت بأنّ الإيمان وحده لا يكفي بدون العمل الصّالح ، ثُمّ أضاف بعدها ( ثُمَّ اهْتَدَى ) ، فدلّت بأنّ العمل الصّالح لا يقبله الله إلاّ إذا كان صاحبه مهتدياً إلى الصّراط المستقيم . وهذا نظير قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا ) [3] ، فقولهم : ( رَبُّنَا اللهُ ) والتي هي الإيمان بالله وحده لا تكفي إلاّ إذا استقاموا ، والاستقامة لا يقبلها الله إلاّ إذا كانت على صراطه المستقيم الذي رسمه هو . ولكُلّ ذلك كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وكُلّ الصّحابة - رضي الله عنهم - وكلّ المسلمين من بعدهم يقولون في كلّ يوم مرّات عديدة في كلّ صلاة : ( اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ) ، وهم بلا شكّ يؤمنون بالله وحده ولا يعبدون سواه ومع ذلك فهم دائبون يطلبون الهداية إلى الصّراط المستقيم .
[1] سورة الذاريات : 56 . [2] سورة طه : 82 . [3] سورة فصلت : 30 .