وفي إحدى المرّات زرتُها وشاهدتُ نشاطها واستمعت لبعض الدّروس التي سجّلتها في أشرطة الفيديو ، ودار الحديث بيننا عن تفسير القرآن ، وأعجبتُ بما حوته هذه المرأة من العلوم وقلت لها : أمنيتي أن تكون في كلّ بلدة امرأة مثلك ، لأنّ دور المرأة في المجتمع لا يقلّ أهميّة عن دور الرّجل إن لم نقل بأنّه أهمّ . فقالت : جئتك هذه المرّة برسالة كلّها نقد واعتراض على كتابك " ثمّ اهتديت " ، وذلك أنّي قابلت هناك أحد الأطباء وهو من المسلمين العاملين والنّاشطين في القدس ، وأهديته كتابك " ثمّ اهتديت " ورجوته أن يقرأه بكامله ويردّ عليه ، وكان أملي أن يهتدي للحقّ لأنّه كثير الطّيبة وكريم الأخلاق ، فقرأ الكتاب وجاءني بالرّسالة ، فأرجوك أن تتقبّلها ، وأنا على علم بأن صدرك يسع أكثر منها ، وأنك تتقبّل النّقد والاعتراض ، وقد سمعتك في عدّة محاضرات تتحمّل أكثر منها ، وإذا كان لديك متّسع من الوقت فإنّي أتمنّى أن تجيبَه عليها ، لأنّي وعدتُه بإيصالها إليك . ناولتني الرّسالة الموجّهة إليّ عن طريقها من طرف الدكتور محمّد موسى بامية ، والتي تتكوّن من خمس صفحات ، قرأتها بكاملها ، ثمّ وعدتها أن أُرسل إليها الردّ عليها بعد عودتي إلى باريس ، لتحمله بدورها إلى الطّبيب المذكور عند رجوعها للقدس . وبالفعل جلست يوماً كاملاً بليلته وحرّرت هذه الرّسالة التي رأيت من المفيد نشرها في هذه الرّحلة الأمريكية والتي اخترتها من بين المواضيع المتعدّدة لما فيها من فوائد تهمّ الشّيعة والسنّة على حدّ سواء . لأنّ أغلب الاعتراضات وأكثر التّساؤلات التي تصل إليّ ، سواء في المراسلة أو في الاتّصالات المباشرة خلال المناقشة ، كلّها لا تتعدّى هذه الإشكاليات ، فلعلَّ المسلمين يستفيدون منها ، لأنّه بلغني من طريق السيّدة الجليلة مرفت أن الطّبيب المذكور لمّا قرأ الردّ على رسالته استبصر واهتدى والحمد لله .