حديث آخر فخذه : " عن علي ( رضي الله عنه ) قال : بعث النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) سرية وأمر عليهم رجلا من الأنصار وأمرهم أن يطيعوه ، فغضب عليهم وقال : أليس قد أمر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن تطيعوني ؟ قالوا : بلى ، قال : عزمت عليكم لما جمعتم حطبا وأوقدتم نارا ثم دخلتم فيها ، فجمعوا حطبا فأوقدوا ، فلما هموا بالدخول نظر بعضهم إلى بعض قال بعضهم : إنما تبعنا النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فرارا من النار أفندخلها ؟ فبينما هم كذلك إذ خمدت النار وسكن غضبه ، فذكر للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال : لو دخلوها ما خرجوا منها أبدا إنما الطاعة في المعروف " [1] . أنظر إلى هذا الأمير المتلاعب كيف يأمر الصحابة بالهلاك وسوء العاقبة في الدنيا والآخرة ، وانظر استنكار الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لذلك الفعل وما قاله . والأعجب من هذا كله أنك تجد في كتب وصحاح أهل السنة أحاديث في الطاعة ما أنزل الله بها من سلطان ، بل مخالفة لصريح القرآن والفطرة الإنسانية مثل هذا الحديث الآتي : عن أنس بن مالك ( رضي الله عنه ) قال : " قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : اسمعوا وأطيعوا وإن أستعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة " [2] . نقول : أولا : حاشى لرسول الله أن تصدر منه هكذا أوصاف في حق عباد الله ، وهو الذي وصفه الله تعالى بالخلق العظيم ولا يعير الرسول أحدا من الخلق ولا يقول رأس فلان ككذا ولا غيرها .
[1] صحيح البخاري 9 : 113 ، ما جاء في السمع والطاعة . [2] صحيح البخاري 9 : 113 .