وغيرهما ، ولو لم ينزلوا من الجبل لكانت معركة أحد الضربة القاضية للمشركين ، ولما تجرأوا بعدها على خوض حروب أخرى ضد الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كغزوة الخندق وغيرها . ويا ليته كان فرارهم الأول بعد هزيمتهم ، لكن أعادوا نفس الفعلة في غزوة حنين . وإليك حادثة أخرى وقعت قبل أربعة أيام من وفاة الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وهي المعروفة برزية يوم الخميس : عن ابن عباس قال : " يوم الخميس وما يوم الخميس ، ثم بكى حتى خضب دمعه الحصباء ، فقال : اشتد برسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وجعه يوم الخميس فقال : إئتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا ، فتنازعوا - ولا ينبغي عند نبي تنازع - فقالوا : هجر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، قال : دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه ، وأوصى عند موته بثلاث : أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ونسيت الثالثة " [1] . مرحى لهؤلاء الصحابة يأمرهم الرسول فيقولون إن النبي يهجر ( يخرف ) ! ! ولا يطيعونه حتى يعرض عنهم . ويا حسرة على ذلك الكتاب الذي لم يكتب والذي قال عنه الرسول ( لن تضلوا بعده ) ولو فعل الصحابة ما أمروا به لما اختلف مسلمان إلى يوم القيامة ، فانظر إلى ما جناه علينا الصحابة من الضلال وما حرمونا منه .
[1] صحيح البخاري 4 : 85 ، وصحيح مسلم 3 : 1257 كتاب الوصية ، ومسند أحمد 1 : 222 .