ت : لو كان هذا الحديث صحيحاً لوجب على أبي بكر وعلى عمر أن يمحوا الأحاديث محواً لا أن يحرقاها حرقاً ( 1 ) . ث : لو صحّ هذا الحديث فالمسلمون من عهد عمر بن عبد العزيز إلى يوم الناس هذا كلّهم آثمون ، لأنّهم خالفوا نهي الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وعلى رأسهم عمر ابن عبد العزيز الذي أمر العلماء في عهده بتدوين الأحاديث وكتابتها ، والبخاري ومسلم اللذان يُصحّحان هذا الحديث ثمّ يعصيانه ، ويكتبان أُلوف الأحاديث عن النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . ج : وأخيراً لو صحّ هذا الحديث لما غاب عن باب مدينة العلم علي بن أبي طالب ، الذي جمع أحاديث النبيّ في صحيفة طولها سبعون ذراعاً ، ويسمّيها الجامعة ( وسيأتي الكلام عنها لاحقاً بحول الله ) . ثانياً : عمل الحكّام الأمويون على التأكيد بأنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) غير معصوم عن الخطأ ، وهو كغيره من البشر الذين يخطئون ويصيبون ، ويروون في ذلك عدّة أحاديث . والغرض من وضع تلك الأحاديث هو التأكيد على أنّ النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان يجتهد برأيه ، فكان كثيراً ما يخطئ ممّا حدا ببعض الصحابة أنْ يصوّب رأيه ، كما جاء ذلك في قضية تأبير النخل ، ونزول آية الحجاب ، والاستغفار للمنافقين ، وقبول الفدية من أسرى بدر ، وغير ذلك ممّا يدعيه « أهل السنّة
1 - راجع إحراق أبي بكر للأحاديث النبويّة : تذكرة الحفاظ للذهبي 1 : 7 ، وكذلك عمر بن الخطّاب حيث منع من التحدث بالسنّة النبويّة فضلا عن كتابتها ، تقييد العلم 49 ، طبقات ابن سعد 1 : 140 .