والمنكرات والمستحيلات والكفر الصريح ، ومع ذلك سجّلت بأنّها صحيحة ، وأُلبست ثوب القداسة والتنزيه . كلّ ذلك لأنّ النقد والتجريح كانا ممنوعين ويجران إلى الموت والهلاك ، بل إنّ الذي يتساءل عن بعض المعاني ليصل إلى الحقيقة ويشمُّ منه رائحة التفتيش والتنقيب فهو مقتول لا محالة ، ليكون مثالا لغيره ، فلا يجرؤ أحد بعده أن يتكلّم . وقد موَّهوا على الناس بأنّ الذي يطعن في حديث أبي هريرة أو أحد الصحابة حتى العاديين منهم ، بأنّه طعن على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وبذلك وضعوا هالة على الأحاديث الموضوعة التي اختلقها بعض الصحابة بعد النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فأصبحت من المسلّمات . وكنت كثيراً ما احتجّ على بعض علمائنا بأنّ الصحابة لم يكن عندهم هذا التقديس ، بل كانوا أنفسهم يشكّكون في حديث بعضهم إذا تعارض حديثه بما يخالف القرآن ، وبأنّ عمر بن الخطّاب ضرب أبا هريرة بالدرّة ونهاه عن الحديث واتهمه بالكذب ، إلى غير ذلك ، فكانوا يردّون علي دائماً بأنّ الصحابة من حقّهم أن يقولوا في بعضهم ما شاؤوا ، أمّا نحن فلسنا في مستواهم حتى نرّد عليهم أو ننتقدهم . أقول : يا عباد الله ، إنّهم تقاتَلوا وكفَّر بعضهم بعضاً وقتل بعضهم بعضاً ؟ ! يقولون : كلّهم مجتهدون ، للمصيب منهم أجران وللمخطئ أجر واحد ، وليس لنا نحن أن نخوض في شؤونهم . ومن المؤكّد أنّ هؤلاء ورثوا هذه العقيدة من آبائهم وأجدادهم سلفاً عن خلف ، فهم يردّدونها ترديد الببغاء بدون تدبّر ولا تمحيص .