وإذا كان إمامهم الغزالي نفسه قد اتخذ هذا الرأي وبثّه في الناس ، فأصبح بذلك حجّة الإسلام والمسلمين ، فقد قال في كتابه « المستصفى » : « والذي عليه السلف وجماهير الخلف أنّ عدالة الصحابة معلومة بتعديل الله عزّ وجلّ إياهم وثنائه عليهم في كتابه ، وهو معتقدنا فيهم » ( 1 ) . وأنا أتعجّب من الغزالي ومن « أهل السنّة والجماعة » عموماً على استدلالهم بالقرآن على عدالة الصحابة ، وليس في القرآن آية واحدة تدلّ على ذلك ، بل في القرآن آيات كثيرة تنفي عدالتهم ، وتفضح سرائرهم وتكشف نفاقهم . وقد أفردنا فصلا كاملا لهذا الموضوع في كتابنا « فاسألوا أهل الذكر » من صفحة 113 إلى صفحة 172 ، فمن أراد مزيد البحث والوقوف على تلك الحقائق ، فليرجع للكتاب المذكور ليعرف قول الله و قول الرسول فيهم . ولكي يعرف الباحث بأنّ الصحابة لم يكونوا يحلمون يوماً بالمنزلة التي اخترعها لهم « أهل السنّة والجماعة » ، فما عليه إلاّ قراءة كتب الحديث ، وكتب التاريخ التي طفحت بأفعالهم الشنيعة وتكفير بعضهم ، و كيف أنّ الكثير منهم كان يشكّ في نفسه إن كان من المنافقين . فها هو البخاري يخرج في صحيح بأنّ ابن مليكة أدرك ثلاثين من أصحاب النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كلّهم يخاف النفاق على نفسه ، وما منهم أحد يقول : إنّه على إيمان جبرئيل ( 2 ) .
1 - المستصفى : 130 . 2 - صحيح البخاري 1 : 17 ( كتاب الإيمان ، باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله ) .