أمارة المؤمنين وحكموهم ، فكيف لا يمنعون الخوض في نقد الصحابة ، وكيف لا يختلقون لهم روايات مكذوبة تقول بعدالتهم جميعاً لكي تشملهم تلك الفضائل ، ولا يتجرّأ أحد على نقدهم أو ذكر أفعالهم . ومن يفعل ذلك من المسلمين يسمّوه كافراً وزنديقاً ، ويُفتوا بقتله وعدم تغسيله وتكفينه ، وإنّما يدفع بخشبة حتى يوارى في حفرته - كما تقدّم ذكره - ، وكانوا إذا أرادوا قتل الشيعة اتهموهم بسبّ الصحابة ، ومعنى سب الصحابة عندهم هو نقدهم وتجريحهم في ما فعلوه ، وهذا وحده يكفي للقتل والتنكيل . بل وصل الحدّ إلى أبعد من ذلك ، ويكفي أن يتساءل أحد عن مفهوم الحديث حتى يلاقي حتفه ، فإليك الدليل : أخرج الخطيب البغدادي في تاريخه قال : ذكر عند هارون الرشيد حديث أبي هريرة : إن موسى لقي آدم فقال له : أنت آدم الذي أخرجتنا من الجنّة ؟ فقال رجل قرشي كان في المجلس : أين لقي آدم موسى ؟ ! فغضب الرشيد وقال : النطع والسيف ، زنديق يطعن في حديث رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ( 1 ) . وإذا كان هذا الرجل بلا شكّ من الأعيان ; لأنّه يحضر مجلس الرشيد يلاقي الموت بقطع رأسه بالسيف ، لمجرّد تساؤله عن المكان الذي لقي فيه آدم موسى ; فلا تسأل عن الشيعي الذي يقول بأنّ أبا هريرة كذّاب ، استناداً لتكذيب الصحابة له وعلى رأسهم عمر بن الخطّاب . ومن هنا يفهم الباحث كلّ التناقضات التي جاءت في الأحاديث ،
1 - تاريخ بغداد 14 : 8 ، سير أعلام النبلاء 9 : 288 .