ابن عوف ، وأبا عبيدة عامر بن الجرّاح كانوا يرفضون السنّة النبويّة ، ويجتهدون بآرائهم جرياً وراء المصالح الدنيوية ومن أجل الخلافة ، ولو كلّفهم ذلك معصية الله ورسوله . أمّا علي والصحابة الذين اتّبعوه ، فكانوا يتقيّدون بالسنّة النبويّة ، ويعملون على تنفيذها حرفياً ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا ، وقد رأينا عليّاً ( عليه السلام ) في تلك المحنة كيف أنّه تقيّد بوصيّة النبيّ له على أن يقوم بتغسيله وتكفينه والصلاة عليه ومواراته في قبره . فنفّذ عليٌّ كلّ أوامره ولم يشغله عن ذلك شاغل ، ورغم علمه المسبق بأنّ الجماعة تسابقوا إلى السقيفة لاختيار أحدهم للخلافة ، وكان بإمكانه أن يُسارع إليها هو الآخر ويفسِد عليهم تخطيطهم ، ولكنّ احترامه للسنّة النبويّة والعمل على تطبيقها يحتّم عليه البقاء بجانب ابن عمّه ، ولو كلّفه ذلك ضياع الخلافة . ولا بدّ لنا هنا من وقفة ولو قصيرة ، لنلاحظ الخلق العظيم الذي ورثه علي من المصطفى ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . ففي حين يزهدُ علي في الخلافة من أجل تنفيذ السنّة ، نرى الآخرين يرفضون السنّة من أجل الخلافة .