الحادث الثالث الذي أبرز الشيعة في مقابل « أهل السنّة » ذلك هو الموقف الخطير الذي وقفه أغلب الصحابة في السقيفة ، ليخالفوا صراحة النصوص النبويّة التي نصّبتْ علياً للخلافة ، وقد حضروها كلّهم يوم الغدير بعد حجة الوداع . ورغم اختلاف المهاجرين والأنصار في أمر الخلافة إلاّ أنّهم تصافقوا في الأخير على ترك النصوص النبويّة ، وتقديم أبي بكر للخلافة ولو كلّفهم ذلك زهق النفوس ، وشمّروا على سواعدهم لقتل كلّ من تحدّثه نفسه بمخالفتهم ، ولو كان من أقرب الناس للنبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ( 1 ) . وهذا الحادث أبرز - أيضاً - أن الأغلبيّة الساحقة من الصحابة عاضدوا أبا بكر وعمر في رفض سنّة نبيّهم وإبدالها باجتهاداتهم ، فهم أنصار الاجتهاد . كما أبرز في المقابل الأقلية من المسلمين الذين تمسّكوا بالنصوص النبويّة ، وتخلّفوا عن البيعة لأبي بكر وهم علي وشيعته . نعم ، لقد ظهر في المجتمع الإسلامي بعد الأحداث الثلاثة المذكورة هويّة
1 - وأكبر دليل على ذلك تهديد عمر بن الخطّاب بحرق بيت فاطمة الزهراء بمن فيه ، والقصّة مشهورة في كتب التاريخ ( المؤلّف ) . بل نقل ذلك المحدّثون أيضاً وبأسانيد صحيحة ، كالمصنّف لابن أبي شيبة 8 : 572 وبسند حسن .