الحادث الثاني في مخالفتهم للسنّة النبويّة ذلك هو رفضهم الالتحاق بجيش أُسامة الذي عبّأه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بنفسه ، وأمرهم بالسّير تحت قيادته ، يومين قبل وفاته ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . ووصل الأمر بهم إلى الطعن برسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وانتقاده ، إذ ولّى عليهم شاباً صغيراً لا نبات بعارضيه ، عمره سبعة عشر عاماً . وتخلّف عن السير أبو بكر وعمر وبعض الصحابة ، ولم يلتحقوا بالجيش بدعوى إدارة أمر الخلافة ، رغم لعن الرسول لمن تخلّف عن أُسامة ( 1 ) . أمّا علي وأتباعه فلم يعيّنهم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في الجيش وذلك لحسم الخلاف ، وليصفُوا الجوّ ويخلو من أُولئك المعاندين والمعارضين لأمر الله ، فلا يرجعوا من مؤتة إلاّ والأمر قد استتبّ لعلي كما يريده الله ورسوله في خلافة النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . لكنّ دهاة العرب من القريشيين عرفوا ذلك منه ، فرفضوا الخروج من المدينة ، وتباطأوا حتى لحقَ الرسول بربّه ، فأبرموا أمرهم كما خطّطوا له من قبل ، وأبعدوا ما أراده رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، أو بعبارة أُخرى رفضوا السنّة النبويّة . وبهذا يتبيّن لنا ولكلّ باحث أنّ أبا بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعبد الرحمان
1 - الملل والنحل للشهرستاني 1 : 23 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 6 : 52 .