كما صرّح الشيخ أبو زهرة ما يقارب هذا المعنى إذ قال : « لا بد أن يكون للحكم الأموي أثر في اختفاء كثير من آثار علي ( عليه السلام ) في القضاء والإفتاء ; لأنّه ليس من المعقول أن يلعنوا عليّاً فوق المنابر ، وأن يتركوا العلماء يتحدّثون بعلمه ، وينقلون فتاواه وأقواله للناس ، وخصوصاً ما يتصل بأساس الحكم الإسلامي » ( 1 ) . والحمد الله الذي أظهر الحقّ على لسان بعض علمائهم ، فاعترفوا بأنّ عليّاً كان يبالغ في الجهر ببسم الله الرحمان الرحيم . ونستنتج بأنّ الذي دعاه - سلام الله عليه - أن يبالغ في الجهر بالتسمية ، هو أنّ الخلفاء الذين سبقوه تركوها إمّا عمداً أو سهواً واقتدى بهم الناس ، فأصبحت سنّة متبعة وهي بلا شكّ مبطلة للصلاة إذا ما تركت عمداً ، وإلاّ لما بالغ الإمام عليّ ( عليه السلام ) في الجهر بها حتى في الصلاة السرية . ثمّ إنّنا نشمُّ من روايات أنس بن مالك التزلّف لإرضاء بني أُميّة الذين أطروه وأغدقوا عليه الأموال ، وبنوا له القصور ; لأنّه من المناوئين لعليّ ( عليه السلام ) هو الآخر ، ويظهر بغضه لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) من قصة الطير المشوي عندما قال النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « اللهمّ ائتني بأحبّ الخلق إليك يأكل معي هذا الطير » ، فجاء علي يستأذن فرده أنس ثلاث مرّات ، ولما عرف النبيّ في المرة الرابعة قال لأنس : « ما حملك على ما فعلت » ؟ قال أنس : رجوت أن
1 - الشيخ أبو زهرة في كتاب الإمام الصادق : 285 ، نقلا عن وضوء النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) للشهرستاني 1 : 193 .