الحاكم وانخرط في الحزب ، فأصبح سيّداً مُهاباً يُقيم الدّنيا ويُقعِدُها ، يصول ويجولُ ، وتحت تصرّفه الأموال التي لا تخضع للحساب ، والسيّارات التي لا تخضعُ للرّقابة ، والمأكولات التي لا تُباع في الأسواق ، ومع كلّ ذلك فهو لا يُحسن الكلام حتى بلغته ، ولا يفهم من معاني الحياة غير بطنه وفرجه ، غاية ما هنالك أنّ له كيساً مثل كيس أبي هريرة مع وجود الفارق طبعاً ، ولكنّ الهدف واحد هو إرضاء الحاكم ، والترويج له لدعم ملكه ، وتثبيت عرشه ، والقضاء على أعدائه . وقد كان أبو هريرة يحبّ الأمويّين ويحبّونه من زمن عثمان بن عفّان زعيمهم ، فكان رأيه في عثمان مخالف لكلّ الصحابة من المهاجرين والأنصار ، فهو يكفّر الصحابة الذين شاركوا في قتل عثمان وألّبوا عليه . ولا شكّ بأنّه كان يتّهم علي بن أبي طالب بقتل عثمان ، ونفهم ذلك من حديثه في مسجد الكوفة ، وقوله بأنّ علياً أحدث في المدينة ، ويلعنه على لسان النبيّ والملائكة والناس أجمعين . ولذلك ينقلُ ابن سعد في طبقاته أنّه لما ماتَ أبو هريرة سنة 59 كان ولد عثمان بن عفان يحملون سَريره حتّى بلغوا البقيع حفظاً بما كان من رأيه في عثمان ( 1 ) . وإنّ لله في خلقه شؤوناً ، إذ يموت عثمان بن عفّان سيّد قريش وعظيمها مقتولا ويذبح ذبح النعاج وهو خليفة المسلمين الذي لقّبوه بذي النورين ، والذي تستحي منه الملائكة كما يزعمون ، ولا يُغسّل ولا يكفّن ، ويعطّل دفنه