ولمّا أقبل عليّ إلى البصرة لم يقاتلهم ، بل دعاهم إلى كتاب الله فرفضوا وقتلوا من حمل إليهم القرآن ، ومع ذلك فقد ناداه الإمام هو الآخر ، وذكّره كما فعل مع طلحة ، إذ قال له : « يا زبير أتذكر يوم مررت مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في بني غنم فنظر إليّ فضحك وضحكت إليه ، فقلت : لا يدع ابن أبي طالب زهوه ، فقال لك رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : صه ، إنّه ليس به زهو ولتقاتلنّه وأنت له ظالم » ( 1 ) . ذكر ابن أبي الحديد خطبة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب يقول فيها : « اللهمّ إنّ الزبير قطع رحمي ، ونكث بيعتي ، وظاهر عليّ عدوّي ، فاكفنيه اليوم بما شئت » ( 2 ) . وقد جاء في نهج البلاغة للإمام علي قوله في طلحة والزبير : « اللهم إنّهما قطعاني وظلماني ، ونكثا بيعتي ، وألّبا الناس عليَّ ، فاحلل ما عقدا ، ولا تحكم لهما ما أبرما ، وأرهما المساءة فيما أملا وعملا ، ولقد استتبتهما قبل القتال ، واستأنيتُ بهما أمام الوقائع ، فغمطا النعمة وردّا العافية » ( 3 ) . وفي رسالة منه بعث بها إليهما قبل بدء القتال جاء فيها : « فارجعا أيّها
1 - تاريخ الطبري 3 : 514 في وقعة الجمل ، الإمامة والسياسة 1 : 92 ، الكامل لابن الأثير 3 : 240 ، وأخرج الحاكم في المستدرك 3 : 366 من طريق أبي حرب بن أبي الأسود الديلي قال : ( شهدت الزبير خرج يريد علياً ، فقال له علي : أنشدك اللّه هل سمعت رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : تقاتله وأنت له ظالم ؟ فقال : لم أذكر ، ثمّ مضى الزبير منصرفاً ) . وصحّحه الحاكم ، ووافقه الذهبي في التلخيص . 2 - شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 : 306 ، الكافي 5 : 54 ح 4 . 3 - نهج البلاغة شرح محمّد عبده 2 : 21 .