سبحان الله ، أفما كان للقوم عقول فيقولون والله ما قتل عثمان غيركم ( 1 ) . لقد فعل الزبير مثل صاحبه طلحة ، غدر بعثمان وحرّض على قتله ، ثمّ بايع الإمام عليّاً طائعاً ونكث البيعة والعهد ، وجاء إلى البصرة يطلب هو الآخر بدم عثمان ! ولمّا دخل البصرة شارك بنفسه في تلك الجرائم ، فقتلوا أكثر من سبعين رجلا من حرّاسه ، ونهبوا بيت المال ، يقول المؤرّخون بأنّهم كتبوا كتاب هدنة مع عثمان بن حنيف ( والي البصرة ) ، وتعاهدوا على احترامه حتى يقدم علي . ثُمّ خانوا العهد والميثاق ، وهجموا على عثمان بن حنيف ، وهو يصلّي بالناس صلاة العشاء ، فكتفوهم وقتلوهم ، وأرادوا قتل عثمان بن حنيف والي علي ، فخافوا أن يسمع أخوه سهل بن حنيف والي المدينة فينتقم من أهلهم ، فضربوه ضرباً شديداً ونتفوا لحيته وشاربيه ، ثمّ هجموا على بيت المال فقتلوا من حراسه أربعين رجلا وحبسوا عثمان وأسرفوا في تعذيبه . يقول طه حسين في شأن هذه الخيانة ، ويقصد طلحة والزبير : « لم يكتف هؤلاء القوم بنكث البيعة التي أعطوها عليّاً ، وإنّما أضافوا إليها نكث الهدنة التي اصطلحوا عليها مع عثمان بن حنيف ، وقتلوا من قتلوا من أهل البصرة الذين أنكروا نقض الهدنة وحبس الأمير ، وغصب ما في بيت المال ، وقتل من قتلوا من حرسه » ( 2 ) .
1 - المستدرك 3 : 118 . 2 - الفتنة الكبرى لطه حسين ( ضمن مجموعة المؤلّفات ) 4 : 465 .