ومبنيٌّ على الوحدة في كلّ شيء ، فلا بدّ لتوحيد الناس وجمعهم من قيادة واحدة ، فهذا أمرٌ بديهيٌّ قرّرهُ كتاب الله ، وحكم به العقلُ والوجدانُ ، قال تعالى : * ( لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا ) * ( 1 ) . وقال أيضاً : * ( وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَه إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَه بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْض ) * ( 2 ) . كذلك لو أرسل الله رسولين في زمن واحد لانقسم الناسُ إلى أُمّتين ، وتفرّق أمرهم إلى حزبين متعارضين ، قال تعالى : * ( وَإِنْ مِنْ أُمَّة إِلاَّ خلا فِيهَا نَذِيرٌ ) * ( 3 ) . كذلك كان لكلّ نبيٍّ وصيٌّ يخلفهُ في قومِه وأُمّته ، كي لا يتشَتّتَ أمرُهم ويتفرّق جمعهم . وهذا لعمري أمرٌ طبيعيّ يعرفه الناسُ كافّة سواء كانوا علماء أو جاهلين مؤمنين أو كافرين ، ألا ترى أنّ كلّ قبيلة وكلّ حزب وكلّ دولة لا بدّ لها من رئيس واحد يتزعّمها ويقودها ، ولا يمكن أن يخضعوا لرئيسين في نفس الوقت . لكلّ هذا اصطفى الله سبحانه من الملائكة رُسُلا ومن الناس ، وشرّفهم بمهمّة القيادة لعباده ، وجعلهم أئمّة يهدون بأمره ، قال تعالى : * ( إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ) * ( 4 ) .