وإذا كان أئمّة المذاهب الأربعة يقولون في دين الله بآرائهم مصرّحين ومعترفين بإمكانية الخطأ ، فيقول الواحد منهم : هذا ما أعتقد أنّه صحيح ، وقد يكون رأي غيري هو الصحيح ، فلماذا ألزم المسلمون أنفسهم بتقليدهم ؟ ! رابعاً : سنّة الحكّام : ويسمّى عند أهل السنّة والجماعة : ( صَوافي الأُمراء ) ، وقد استدلّوا عليه بقوله تعالى : * ( أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ) * ( 1 ) ( 2 ) . فأُولي الأمر عندهم الحكّام وإن كانوا متسلّطين بالقوّة والقهر ، وهم يعتقدون بأنّ الحكّام أمَّرهم الله على رقاب العباد ، فيجب لذلك طاعتهم والأخذ بسُنّتهم . وردّ ابن حزم الظاهري على « أهل السنّة والجماعة » ردّاً عنيفاً بقوله : « بناءً على ما تقولون فللأمراء أن يُبطلوا ما شاؤوا من الشرائع التي أمر الله ورسوله بها ، كما لهم أن يزيدوا فيها ، ولا فرق بين الزيادة والنقص في ذلك ، وهذا كُفرٌ ممّن أجازهُ بلا خلاف » ( 3 ) . وردّ الذهبي على ابن حزم بقوله : « هذا تقرير فاسد ، وخطأ فاحش ، فإنّ
1 - النساء : 59 . 2 - لقد أوضحنا بالأدلة في كتاب « مع الصادقين » بأنّ أولي الأمر هم أئمة الهدى من العترة الطّاهرة وليس المقصود بهم الحكّام الغاصبين ، ومن المستحيل أن يأمر الله سبحانه بطاعة الظّالمين والفاسقين والكافرين ( المؤلّف ) . 3 - ابن حزم في ملخص إبطال القياس : 37 .