القرآن ، وحاشا للنبيّ أن يخالف القرآن ويغسل رجليه في الوضوء . ولو غسل النبيّ رجليه في الوضوء لما جاز لكبار الصحابة مخالفته ، وهم من هم في العلم والمعرفة والقرب منه أمثال علي بن أبي طالب ، وابن عباس ، والحسن والحسين ، وحذيفة بن اليمان ، وأنس بن مالك ، وكلّ الصحابة الذين قرأوا بالجرّ ، وهم أغلب القراء الذين أوجبوا المسح ، وكلّ الشيعة الذين اقتدوا بالأئمّة من العترة الطاهرة قالوا بوجوب المسح . فما هو الحل ؟ ! ألم ترَ أيّها القارئ العزيز بأنّ المسلم سيبقى محتاراً في شكّه ، وبدون الرجوع إلى من يعتمد عليه فسوف لا يعرف وجه الصواب ، ولا يدري ما هو حكم الله الصحيح من المكذوب عليه ؟ وقد تعمّدت أن أضرب لك هذا المثال من القرآن الكريم أيّها القارئ العزيز ، حتى تعرف مدى الاختلاف والتناقض الذي يتخبط فيه علماء المسلمين من « أهل السنّة والجماعة » في أمر كان يفعله النبيّ عدّة مرّات في كلّ يوم وطيلة ثلاثة وعشرين عاماً . وكان من المفروض أن يعرفه الخاصّ والعام من أصحاب النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وإذا بالعلماء عند « أهل السنّة » يختلفون في القراءات ، فينصبون ويجرون ، ويرتبون على ذلك أحكاماً متضاربة ! وللعلماء في تفسير كتاب الله ، وترتيب الأحكام على حسب القراءات المتعدّدة ، اختلافات كثيرة لا تخفى على الباحثين . وإذا كان اختلافهم في كتاب الله ظاهراً ، فهو في السنّة النبويّة أظهر وأكثر .