الحديث ، ويتبيّن له الحقّ من الباطل . لو أخذنا القرآن الكريم ، وقرأنا فيه آية الوضوء وقول الله تعالى : * ( وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ ) * ( 1 ) ، فهمنا منها لأوّل وهلة مسح الأرجل كمسح الرؤوس ، وإذا نظرنا إلى فعل المسلمين نجدهم مختلفين في ذلك . « فأهل السنّة والجماعة » كلّهم يغسلون ، والشيعة كلّهم يمسحون . فنُصاب عند ذلك بالحيرة والشك ، أيهما الصحيح ؟ ونرجع إلى العلماء من « أهل السنّة والجماعة » ومفسّريهم ، فنجدهم مختلفين في هذا الحكم على حسب ما يروونه من أن هناك قراءتين « أرجلَكم بالنصب » و « أرجلِكم بالجرّ » . ثمّ يُصحّحون القراءتين ويقولون : من قرأ بالنصب فقد أوجب الغسل ، ومن قرأ بالجر فقد أوجب المسح . ثمّ يطلع علينا عالم ثالث متبحّر في اللغة العربية من علماء السنّة ( 2 ) فيقول : إنّ قراءة النصب وقراءة الجرّ توجبان المسح ; لأنّ الأرجل إمّا تكون منصوبة على المحل أو تكون مجرورة بالجوار ، ثمّ يقول بأنّ القرآن جاء بالمسح ، وجاءت السنّة بالغسل . وأنت كما ترى أيّها القارئ بأنّ علماء « السنّة والجماعة » لم يزيلوا حيرتنا باضطراب أقوالهم ، بل قد ضاعفوا شكّنا لقولهم بأنّ السنّة خالفت
1 - المائدة : 6 . 2 - هو الفخر الرازي في تفسيره الكبير 4 : 305 سورة المائدة ، آية : 6 . وفي الدر المنثور 2 : 262 وكذلك كنز العمال 9 : 434 ح 26852 عن الشعبي قال : نزل القرآن بالمسح وجرت السنّة بالغسل .