سبّني فقد سبّ الله » ( 1 ) ؟ ! وإذا كان حديث « كتاب الله وسنّتي » صحيحاً ، فلماذا غابت هذه السنّة على أكثر الصحابة ، فجهلوها وأفتوا في الأحكام بآرائهم ، وكذلك فعل أئمة المذاهب الأربعة الذين التجأوا للقياس ، والاجتهاد ، والإجماع ، وسدّ باب الذرائع ، والمصالح المرسلة ، والاستصحاب ، وصوافي الأمراء ، وأخفّ الضررين وغير ذلك ( 2 ) ؟ ! فإذا كان الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد ترك « كتاب الله وسنّة نبيّه » ليعصمان الناس من الضلالة ، فلا داعي لكلّ هذه الأُمور التي ابتدعها « أهل السنّة والجماعة » ، فكلّ بدعة وضلالة ، وكلّ ضلالة في النار ، كما جاء في الحديث الشريف . . ! ثمّ إنّ العقلاء وأهل المعرفة يلقون باللّوم على النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الذي أهمل سنّته ولم يعتن بها ، ولم يأمر بتدوينها وحفظها ، ومن ثمّ صيانتها من التحريف والاختلاف والوضع والاختلاق ، ثمّ يقول للناس : « إنّي تارك فيكم الثقلين ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي : كتاب الله وسنّتي » ! أمّا إذا قيل لهؤلاء العقلاء بأنّه نهاهم عن كتابتها فسيكون عند ذلك هزؤاً ; لأنّ ذلك ليس من أفعال الحكماء ، إذ كيف ينهى المسلمين عن كتابة سُنته ، ثمّ يقول لهم : تركت فيكم سنّتي ؟ ! أضف إلى كلّ ما تقدّم بأنّ كتاب الله المجيد ، إذا أضفنا إليه السنّة النبويّة التي كتبها المسلمون عبر القرون ، فإنّ فيها الناسخ والمنسوخ ، وفيها الخاصّ
1 - نظم درر السمطين : 105 ، الجامع الصغير 2 : 608 ح 8736 ، كنز العمال 11 : 573 ح 32713 ، تاريخ دمشق 42 : 533 ، وروى صدره الحاكم في المستدرك 3 : 121 وصححّه ووافقه الذهبي ، والنسائي في السنن الكبرى 5 : 133 ، والنسائي في الخصائص ص 76 وقال محقّق الكتاب الحويني الأثري : « إسناده صحيح » . 2 - جامع البيان : 275 ، باب اجتهاد الرأي على الأصول عند عدم النصوص .