نام کتاب : السلفية بين أهل السنة والإمامية نویسنده : السيد محمد الكثيري جلد : 1 صفحه : 596
بخصوص الاجتهاد . فعن الحسين بن إسماعيل قال : قيل لأحمد بن حنبل وأنا أسمع : يا أبا عبد الله كم يكتب الرجل حتى يمكنه أن يفتي ؟ يكفيه مائة ألف ؟ قال : لا ، قيل له : مائتا ألف ؟ قال : لا ، قيل : ثلاثمائة ألف ؟ قال لا ، قيل : أربعمائة ألف ؟ قال : لا ، قيل : خمسمائة ألف ؟ قال : أرجو " [100] . فهذا إمام السلفية يرجو لمن كتب نصف مليون حديث أن يتمكن من الإفتاء . ودعاة السلفية يطلبون من العامة وأنصاف المتعلمين ممن لم يقرأ في حياته أربعين حديثا نبويا ، أن يجتهد ويأخذ الأحكام بنفسه من المصادر . إن سيرة ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية وما كتباه بخصوص التقليد والاجتهاد ، لا يمكن أن يستدل بهما على ما تدعو السلفية إليه اليوم . لأن ابن تيمية إذا كان قد رفض تقليد الأئمة الأربعة فلأنه رأى في نفسه القدرة على الاجتهاد ، وقد كان واسع الاطلاع على كتب الحديث والفقه ، مشتغلا بتحصيل هذين العلمين وغيرهما . ومهما قيل عن اجتهاداته فإنه لم يكن عاميا وكذا تلميذه ، وهما معا متفقان على أن الجاهل يرجع للعالم ، وأن العامي لا بد له من الرجوع إلى الفقيه العالم إذا أراد معرفة مسألة معينة ، لأنه قاصر على الوصول إليها وحده ! . إن النقاش في هذه القضية مستفيض وشائك ، لكن يمكن اختصاره في جملة واحدة وهي قوله تعالى * ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) * . وأبناء الصحوة الإسلامية إذا لم يكن الواحد منهم مختصا ، فقيها مجتهدا ، فهو لا يعلم ، وعليه الرجوع إلى أهل الذكر . إلى العلماء والفقهاء . ولا يكفي فهمه للحديث إن كان قارئا ، فقد يكون الحديث ضعيفا . قد يكون هناك حديث أو أحاديث أخرى في نفس القضية تنسخ هذا الحديث وتلغي مضمونه ، وقد يحتاج الحديث إلى معرفة سبب وروده لكي يعرف مضمونه