نام کتاب : السلفية بين أهل السنة والإمامية نویسنده : السيد محمد الكثيري جلد : 1 صفحه : 587
وانتشرت بذلك الجدالات والنقاشات التي لا تنتهي ، في كل تجمع ، وفي كل مدرسة أو جامعة تجد الجدال قد احتدم حول رواية أو حديث يأمر بعمل ما أو ينهى عنه ، البعض يرفض والآخر يشكك في صحة النقل أو المصدر ، والبعض الآخر يصف الحديث بالضعف ، أو يشكل على فهم الناقل وشرحه . وهكذا لن تجد داخل الجماعة الواحدة من يتفق مع " أخيه في الله " في قضية أو مسألة فقهية أو أصولية . وقد تعدى الأمر إلى تفسير القرآن وشرح آياته . وإذا كان كل واحد غير مستعد للتنازل عن رأيه أو فكرته ونقله . فإن النتيجة الواقعية والمشاهدة هي انتشار الاختلافات الفقهية والأصولية على نطاق واسع جدا . يستحيل معه بعد ذلك جمع هذه الآراء أو الاجتهادات المتناقضة ضمن إطار واحد أو أطر متعددة لكن واضحة المعالم . فلقد أصبح كل طفل أو مراهق أو شيخ طاعن في السن مجتهدا في الدين الإسلامي برمته . يقرأ كتب الحديث ويطالع التفاسير ويأخذ منها ما شاء له أن يأخذ ، ويترك ما شاء له أن يترك ، دون قيد أو شرط أو حتى حسيب أو مرجع يمكن أن يعرض عليه اجتهاده لتصويبه أو تقييمه . ويزداد الطين بلة عندما نعرف أن أغلب من يقوموا بهذا العمل - أي الاجتهاد على الطريقة السلفية - لا يحسنون تلفظ جملة بالعربية دون خطأ ، فحضهم من قواعد العربية هزيل جدا ، أما اطلاعهم على لغة العرب وأساليبها ومعاني مفرداتها ، فأهزل وأضعف . لكنهم يستطيعون القراءة وقد يفهمون مجمل الكلام الوارد في الآية أو الحديث . ومع ذلك فقد تحول الواحد منهم بين عشية وضحاها إلى مجتهد كامل الاجتهاد بل مفتيا ، يفتي في الأموال والأعراض والأرواح بجرأة وحرية لم يشتهر بها الأئمة الأربعة الذين قال أحدهم " لا أدري نصف العلم " . وكانوا يتهربون من الفتوى هروبهم من الأسد كما قيل . وكانوا إذا ما سئلوا
587
نام کتاب : السلفية بين أهل السنة والإمامية نویسنده : السيد محمد الكثيري جلد : 1 صفحه : 587