نام کتاب : السلفية بين أهل السنة والإمامية نویسنده : السيد محمد الكثيري جلد : 1 صفحه : 54
بهذا المعنى ، فإذا أرسل يكون مرسلا ولم يكن قبله من المرسلين بل رسولا فقط ، ولهذا يقولون " إن النبي صلى الله عليه وسلم في قبره رسول وليس بمرسل . . . وقد عارض أهل السنة والجماعة هذا التمييز الدقيق بين الرسول والمرسل ، وقرروا أن الرسول صلى الله عليه وسلم في القبر رسول ومرسل . . . ولكن ما هو السر الحقيقي في هذا التمييز عند الكرامية ؟ . أما التفسير الذي أراه أقرب للحقيقة - يقول النشار - فهو أن الكرامية كانت ترمي إلى غرض بعيد ، وهو عدم إسباغ القداسة على الرسول في قبره ، وعدم شد الرحال إليه ، مخالفة في هذا رأي أهل السنة والجماعة ، فقررت الكرامية أن النبوة والرسالة كانتا عرضين أو معنيين ألقاهما الله فيه أزلا ، ثم أدى رسالته بمفهوم المرسل عند الكرامية ، ثم انتهى علمه هو . . . انتهى الرسول والمرسل والرسالة باقية ، فلا إسباغ للقداسة عليه . ويتضح هذا من موقف خلف الكرامية من حقيقة الرسول ووقوفهم أمام قبره . فهم إن تصادف وقوفهم أمامه يسلمون عليه ويقولون : " لقد أديت الرسالة " ، ومن عدم اعتبار زيارة الرسول فرضا أو نفلا . . . إن الغرض فقط هو حج الكعبة المقدسة ، والنفل هل العمرة ، إن الكلام كما نعلم أوثق اتصال بالفقه . وقد أثرت الكرامية في سلف المتأخرين ، ونادى ابن تيمية بما نادى به الكرامية . واحتضن الحنابلة المتأخرون هذه الآراء ، وظهرت على أقوى صورة لدى الوهابيين بعد وأصبحت جزءا من عقائدهم [58] . لقد عاشت الكرامية بعد موت مؤسسها ، ثم تلقى المذهب عالم من أكبر علماء السلف وصوفي من أرق الصوفية ، هو " الهروي الأنصاري " ثم احتضنها سلفي متأخر ومفكر من أكبر مفكري الإسلام وهو " تقي الدين بن