نام کتاب : السلفية بين أهل السنة والإمامية نویسنده : السيد محمد الكثيري جلد : 1 صفحه : 53
محمد بن كرام ( المتوفى سنة 255 ) حيث أينعت فكرة التجسيم من جديد ، وعرفت ازدهارا لا مثيل له . وقد بشر محمد بن كرام بجانب مذهبه في التجسيم ، بروح الزهد والتنسك فكانت مدرسته مدرسة زهد بلا شك . . . وإن كانت قد ملأت الدنيا ضجيجا إذ قدمت إلى العالم الإسلامي مذهبا فلسفيا ، لا يتفق في أصوله وجزئياته مع عقيدة أهل السنة والجماعة ( الأشاعرة والماتريدية ) ، بل لا يتفق مع عقائد فرق المسلمين الأخرى من شيعة ومعتزلة . . . ولكن المذهب عاش في عهد مؤسسة في قلوب الألوف من البشر . وتناولته القرون من بعده ، إما قبولا أو إنكارا ، ثم إنه ما زال يعيش حتى الآن في دوائر سلف المتأخرين - الحنابلة - وهم يعدون بالملايين في عالمنا المعاصر الآن [57] . لقد كانت الكرامية مجسمة غالى صاحبها في إثبات العرشية والفوقية . وأكد على أن الله جسم ، لكن ليس كالأجسام . وإنه مستقر على العرش ومماس له ، كما قال الكرامية بقيام الحوادث بذات الله . وجاءت بآراء ومعتقدات خالفت فيها الفرق الإسلامية جميعا وعلى رأسهم أهل السنة والجماعة . إلا أن لهم رأيا متميزا يخص النبوة والنبي والرسول والمرسل . وقد قام الدكتور النشار بتخريج لطيف له . يربط بينه وبين عقيدة السلفية المعاصرة في موقفها من الرسول ( ص ) وقبره وشد الرحال إليه . لقد ذهبت الكرامية إلى أن النبوة والرسالة عرضان حالان في النبي و الرسول ، منفصلتان تمام الانفصال عن الوحي إليه ، وعن ظهور المعجزات على يديه ، وعن عصمته عن الخطأ والمعصية ، فمن فعل الله فيه تلك الصفة وجب على الله تعالى إرساله . . . وتضع الكرامية تمييزا بين الرسول والمرسل فالرسول من حصل فيه " ذلك المعنى " وأنه يجب عليه الله أن يرسله إلى الناس رسولا