نام کتاب : السلفية بين أهل السنة والإمامية نویسنده : السيد محمد الكثيري جلد : 1 صفحه : 455
وهذا الأسلوب في الدعوة هو الذي يفسر سبب انحصار المذهب الحنبلي في التقليد واقتصاره على مناطق محدودة مثل بغداد ونجد ودمشق . ويمكن أن يلاحظ بوضوح أن ساكنة هذه المناطق وخصوصا بلاد نجد عرف عنهم الجلافة والغلظة والخشونة ، رسختها وزادت في حدتها الطبيعية الصحراوية القاسية . وإذا رجعنا إلى دعاة السلفية " حشوية الحنابلة " اليوم فسنجد أن هذه الصفات الشاذة تلازمهم الظل للجسد . وأنها من أهم ما ورثته طبيعتهم عن المذهب والتراث الحنبلي . وبالخصوص ما اكتسبوه من سلوكيات زعيمهم الأول وصاحب نحلتهم " الشيخ ابن تيمية " ، الذي أجمع المؤرخون بأنه كان حاد المزاج خشنا في تعامله مع خصومه . لدرجة اتهام مخالفيه بما ليس فيهم بل الكذب عليهم وتحريف أقوالهم ، وتزوير كلامهم ومعتقداتهم . وقد عزى بعض الباحثين عند ذكره هذه الحدة إلى عزوف الشيخ عن الزواج طوال حياته . ونضيف نحن إلى ذلك ، تأثير الطبيعة على نفسية الشيخ فهو من مواليد مدينة حران التي وصفها ابن جبير بأنها بلد " قد نبذ بالعراء ، ووضع في وسط الصحراء ، فعدم رونق الحضارة ، وتعرت أعطافه من ملابس النضارة " . وعليه فحياة الشيخ ابن تيمية وسلوكه يمكن أن تنضاف كعامل من العوامل التي أنتجت ظاهرة الخشونة والجفاء لدي السلفية المعاصرين . فالتقليد لا يشمل فقد الأفكار وأنما يتجاوزه إلى التأثر بالسلوكيات والأفعال . * أسلوب الدعوة السلفية اليوم : أما إذا ذهبنا نستقص عن حال الرجل الذي أحيى الفكر السلفي في الأزمنة الحديثة ووضعه محل التطبيق . ونشر ما اندرس منه وبعث رفاته ، لنعرف كيف كان يدعو الناس إلى أفكاره ومذهبه ، فإننا لسنا في حاجة
455
نام کتاب : السلفية بين أهل السنة والإمامية نویسنده : السيد محمد الكثيري جلد : 1 صفحه : 455