نام کتاب : السلفية بين أهل السنة والإمامية نویسنده : السيد محمد الكثيري جلد : 1 صفحه : 254
كان حشوية الحنابلة ينسبون الأشاعرة للتعطيل . وابن تيمية إذا كان من أقطاب هذا المذهب الحشوي التجسيمي فقد نصب نفسه للدفاع عنه والانتصار له ، ومما لا شك فيه أنه ورث العداوة والنفور من الأشاعرة . وعليه فإنه ربما كان ينظر إلى المتصوفة الذين صدورا عن علم الكلام الأشعري بنفس النظرة لعلماء الأشاعرة . فهو عندما يفضل الكلاباذي يثني كثيرا على أبو عبد الرحمان السلمي جامع كلام الصوفية ، لأنه وعلى حسب قول ابن تيمية " كان ينكر مذهب الكلابية ويبدعهم ، وهو المذهب الذي ينصره أبو القاسم " أي القشيري في رسالته . كما يثني على أبي العباس القصاب لأن له " التصانيف المشهورة في السنة ومخالفة طريقة الكلابية الأشعرية " ، وهو هنا يذكر الأشاعرة صراحة . ومما يحير الباحث ويجعله يتخبط في الآراء المتناقضة ، هو قول الشيخ الحراني في أثناء كلامه عن الرسالة القشيرية لأبي القاسم : بأنه جمع فيها متفرقات كلامهم مما يستدل به على أنهم يوافقون الأشاعرة في معتقدهم . لكنه لا يفتئ يذكر بعد ذلك بأن جل من أرخ لهم أبو القاسم وذكر سيرتهم " لا يعرف عن شيخ منهم أنه كان ينصر طريقة الكلابية والأشعرية . . بل المحفوظ عنهم خلافها ، ومن صرح منهم فإنما يصرح بخلافها . . . " [62] . ولعمري إن هذا اتهام خطير جدا من ابن تيمية لأبي القاسم القشيري فكيف يجرأ مؤرخ أن ينسب لطوائف من رجالات الأمة اعتقادا لم يكونوا يؤمنون به بل كانوا بخلافه . فهل يطمأن بعد ذلك لقول مؤرخ أو مصنف . لقد كان أبو القاسم أشعريا على مذهب الخلف - خلف الأشاعرة ابن فورك والإسفراييني وغيرهم - فهل يحق له أن ينسب كذبا وزورا كل من أرخ له من رجالات التصوف على أنه كان أشعريا ، أو يصدر عن رأيهم أو حتى أنه لم يعرف لبعضهم انتصاره لمذهب الأشعري أو نقضه . فكيف يحق لأبي