نام کتاب : السلفية بين أهل السنة والإمامية نویسنده : السيد محمد الكثيري جلد : 1 صفحه : 139
قال : " لقد أنسي الناس قوما كان موقفهم مثل موقف أحمد أو قريبا منه فلم يعد هؤلاء يذكرون إلا في بطون التواريخ وعلى ألسنة الخاصة أو خاصة الخاصة من العلماء " [54] . لكن ما سبب شهرة الإمام أحمد دون غيره ممن امتحن ووقف مثل موقفه ؟ . الحقيقة أن شهرة أحمد قد ارتبطت أولا بانتصار المحدثين وأصحاب الأثر . ولما تولى المتوكل الخلافة أوقف الامتحان ، وأبعد المعتزلة من بطانته وقرب المحدثين وانتصر لهم وأغدق المال والجوائز على عدد كبير منهم ، وأمر أن يجلس المحدثون في المساجد وينتصروا لمجمل عقائدهم ، ليس فقط في مسألة خلق القرآن ولكن في الرؤية كذلك ، والتي كانت المعتزلة تنكرها . ( أي رؤية الله بالأبصار يوم القيامة ) ، لذلك فقد أدى الأمر إلى تكبير المضطهدين ، ونشر تفكيرهم ومبالغة الناس في أقوالهم [55] فانطلقوا ينقضون عقائد الاعتزال ، ويحاربون أصحابه بكل ما أوتوا من قوة ونفوذ ، فانتشر القول بتكفير من قال بخلق القرآن واستحلال دمه . وبدأ عصر المعتزلة في الأفول شيئا فشيئا ، ونجم المحدثين في الصعود والاشتهار ، فالتف حولهم العامة ونصروهم واعتنقوا عقائدهم . يقول أحمد أمين : إن السلطات الحكومية من عهد المتوكل قد تخلت عن نصرة المعتزلة وأغلب الناس يمالئون الحكومة أينما كانت ويخافون أن يعتنقوا مذهبا لا ترضاه فهربوا من الاعتزال إلى من يهاجم الاعتزال [56] . وإذا كان وضع أحمد في المحنة كما ذكرنا ، لم تكن له خصوصية تفرده عن غيره وتميزه . فلا حقيقة لتلك المبالغات والأساطير التي حاكها الحنابلة حول محنة أحمد وخطورة شأنها . قال محمد بن إسحاق : سمعت أبي
[54] نفسه ، ص 27 . [55] المذاهب الإسلامية ، ص 263 . [56] ظهر الإسلام ، ج 4 ص 65 .
139
نام کتاب : السلفية بين أهل السنة والإمامية نویسنده : السيد محمد الكثيري جلد : 1 صفحه : 139