إني أرى غبرة لا يطفيها إلا دم " ( 7 ) . ومن هنا ، وخوفا من أن يتم اللقاء والتحالف بين الفصيلين على مواجهة الشيخين ، حاول عمر اللعب بكل الأوراق وأن يبادر هو إلى التحالف مع بني أمية من أجل محاصرة بني هاشم . فلذلك عمل فورا على تفويت الإمارة إليهم . ويذكر الطبري في تاريخه ، إنه لما استخلف أبو بكر ، قال أبو سفيان ما لنا ولأبي فصيل ، إنما هي بنو عبد مناف ، فقيل له إنه قد ولي ابنك قال : وصلته رحم . وجاء في تاريخ بن خلدون : " ثم جاء عمر فرمى بهم الروم ، وأرغب قريشا في النفير إلى الشام ، فكان معظمهم هنالك ، واستعمل يزيد بن أبي سفيان على الشام وطال أمد ولايته إلى أن هلك في طاعون عمواس سنة ثماني عشرة ، فولى مكانه أخاه معاوية وأمره عثمان من بعد عمر ، فاتصلت رياستهم على قريش في الإسلام برياستهم قبيل الفتح التي لم تحل صبغتها ولا ينسى عهدها أيام شغل بني هاشم بأمر النبوة " ( 58 ) . كما ذكر المسعودي : " ولما أنفذ أبو بكر الأمراء إلى الشام كان فيما أوصى به يزيد بن أبي سفيان وهو مشيع له " ( 59 ) . لقد امتدت جسور الخلفاء مع شريحة النفاق . . . تداخل يوضح مدى تناغم المؤامرة في منعرجاتها كلها بشكل يثير الشك ويوقع في الاستفهام . وبذلك أسدل الستار على المنافقين ، وانتهى الحديث عنهم . وتلك أهم خدمة قدمها الخلفاء لبني أمية الذين كانوا يضيقون ضرعا ويجدون ضغنا لما يروجه المسلمون فيما بينهم من أمر المنافقين ! كانوا يتوخون العمل في السر . والعمل على استغفال المسلمين . من هنا بدأت عملية مد الجسور مع مختلف المنافقين ، من أجل دعم
( 57 ) العقد الفريد / ابن عبد ربه . ( 58 ) تاريخ بن خلدون ص 4 ج 3 . ( 9 5 ) مروج الذهب / المسعودي ص 309 ج 2 دار المعرفة - بيروت 1402 ه 1982 م ) .