مكاسبهم . وفي مقابل ذلك السكوت عن إثارة قضيتهم في المجتمع . لقد غضب الرسول ( ص ) وهو على فراش الموت ، وكان الحزن يعتصر قلبه الشريف طيلة الأيام التي سبقت وفاته ( ص ) فهو مرة قد يرى رؤية يكتشف منها محنة أهل البيت ( ع ) واغتصاب الخلافة من أهلها ، لقد رأى ( ص ) بني الحكم يوما ينزلون على منبره فساءه ذلك فما استجمع ضاحكا حتى مات وأنزل الله في ذلك : " وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس " [60] . لقد أدرك المسلمون منذ البداية ، أهمية العداوة بين الإسلام وبني أمية ، وكانوا أشد حذرا منهم . ولكن الخلفاء ما فتؤوا يسخون عليهم بالإمارات . ولعمري ، إن معاوية لم يكن له من الشأن في بلاد الشام ، ولا تلك الشوكة لولا ما مكن له فيه عمر بن الخطاب . إن معاوية الذي كان مطعونا في دينه - حسب بن أبي الحديد - والذي لم يسلم إلا بعد الفتح خوفا من القتل . يؤمره عمر على الشام ، ولم يزحزحه عنها منذ ذلك الوقت . فهل كان ذلك تأليفا من عمر بن الخطاب لقلوب المنافقين . حتى نعود إلى طرح نفس السؤال السابق ؟ إذن ، كان أحرى وأجدر أن يؤلف بن الخطاب قلب فاطمة ( حاشاها ) في حق أبيها . . ويؤلف قلوب الصحابة الكبار بنفس السخاء . ولكان أولى له فأولى أن يؤلف قلب سعد بن عبادة الخزرجي ( رض ) بدل التآمر على قتله ! . بالإضافة إلى هذين الفصيلين . هناك فصيل غير منظم . مثلته عناصر متفرقة ، تحكمها النزعة الفردية ، والروح الانتهازية . هؤلاء لم يكن لهم تأثير كبير على المشروع النبوي . نظرا لكونهم غير استراتيجيين . وهم عموم الطلقاء من غير بني أمية أولئك الذين ارتبطوا بمعاوية وغيره طمعا في المناصب والأموال ، كعمرو بن العاص ، وأبي هريرة ، وسمرة بن جندب .
[60] القرطبي للتفسير / ج 15 ص 186 . - السيوطي في تفسيره ج 4 ص 191 .