الصدق والصديق . . أية علاقة . في بداية كلامنا نطرح اعتقادنا حول تعسف هذه الأوصاف . . فاسم الصديق لم يتحول إلى كنية لأبي بكر إلا في العهود المتأخرة والاسم الذي كثر تداوله في زمن الرسول ( ص ) هو " أبو بكر " وابن أبي قحافة ، ولم تكن تلك سوى من إبداع البكرية وأنصار مدرسة الرأي ، لكي يجعلوها شعارا معززا للخلافة المغتصبة . وقد جعلوا صفته تلك كناية عن إسلامه المبكر وتصديقه للرسول ( ص ) وللعاقل أن يتأمل في ثنايا هذه الحبكة التعسفية ، فليس أبو بكر هو أول وآخر من آمن وصدق بالرسول ( ص ) فكثير من أصحابه آمنوا به وصدقوه بل وبعضهم سبقه بالصدق والإيمان . والإمام علي ( ع ) كان - على صغر سنه - أول من أعلن إسلامه بعد بعثة الرسول ( ص ) وهو أول من صدقه . . وهو المدعو صديقا ، وقد ادعاها لنفسه وأنكرها على غيره . وكأنه بذلك يروم فضح سياسة خلق الشعارات وإطلاقها بلا مبررات . يقول : " أنا الصديق الأكبر ، لا يقولها بعدي إلا كاذب آمنت قبل أن يؤمن الناس سبع سنين [4] " . ومن صدقه ، رأينا كيف نازع أهل البيت ( ع ) بحديث مزعوم في شأن إرثهم . ومنعهم حتا لهم من الله به عليهم . وسوف أعطيكم هنا بعضا من القرائن التي لا تجعل لشعار الصدق مصداقية في سلوك ومواقف الخليفة . 1 / الصدق في المواطن . إن أولى التعاريف التي جعلت للصدق في الإسلام ، هو الصدق في المواطن وعدم الفرار عند الزحف ، وهو ما رأيناه عند الخلفاء الثلاثة عندما فروا يوم أحد ، وخذلوا الإسلام ، وتركوا الرسول ( ص ) منفردا في مواجهة الموقف ، وإنه لعمري عين الخذلان ، ودليل عدم الصدق ، وكذلك يوم رجع فارا من خيبر .